للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد ظعنوا فاستقلوا، فما أدري أساروا بعد أو حلّوا: وفي النوى يكذبك الصادق «١» ، فأرسلها مثلا، وأحرز مولاه مال الذي بايعه وأهله.

[١٥٤- بأبي وجوه اليتامى.]

زعموا أن النعمان بن المنذر اتخذ مجلسا قريبا من قصره بالحيرة، فجعل تحته طاقات وجصّصه، فكان أبيض، وكان ذلك المجلس يسمى ضاحكا لبياضه، وكان للنعمان فرس يقال له اليحموم، وقد ذكرته العرب في أشعارها، قال لبيد بن ربيعة «٢» :

لو كان شيء «٣» في الحياة مخلدا ... في الدهر أدركه أبو يكسوم

والحارثان كلاهما ومحرّق ... والتبعان وفارس اليحموم

وقال الأعشى «٤» :

ولا الملك النعمان يوم لقيته ... بنعمته يعطي القطوط ويأفق «٥»

ويجبى إليه السّيلحون ودونها ... صريفون في أنهارها والخورنق

ويأمر لليحموم كلّ عشية ... بقتّ وتعليق فقد كذا يسنق «٦»

وكان للنعمان أخ من الرضاعة من أهل هجر «٧» يقال له سعد القرقرة، وكان من أضحك الناس وأبطلهم، وكان يضحك النعمان ويعجبه، وسعد الذي يقول «٨» :

ليت شعري متى تخبّ بي الن ... اقة نحو العذيب فالصيبون «٩»

محقبا زكرة وخبز رقاق ... وحباقا وقطعة من نون

فزعموا أن النعمان قعد في مجلسه ذات يوم ضاحكا، فأتى بحمار وحش، فدعا بفرسه اليحموم، فقال: احملوا سعدا على اليحموم واعطوه مطردا وخلّوا عن هذا الحمار حتى يطلبه سعد فيصرعه، فقال سعد: إني إذن أصرع عن الفرس، ومالي ولهذا؟ قال النعمان: والله لتحملنه، فحمل على اليحموم، ودفع إليه المطرد، وخلّي الحمار، فنظر سعد إلى بعض بنيه قائما في النظارين فقال: بأبي وجوه اليتامى «١٠»

<<  <   >  >>