للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْحَاصِل: أَنه إِذا هلك الْمَبِيع لَا تحالف عِنْدهمَا خلافًا لمُحَمد إِذا كَانَ الثّمن دينا، وَاخْتلفَا فِي قدره أَو وَصفه، أما إِذا اخْتلفَا فِي جنسه أَو لم يكن دينا فَلَا خلاف فِي التَّحَالُف.

قَوْله: (وَلَا تحالف بَعْدَ هَلَاكِ بَعْضِهِ) أَيْ هَلَاكِهِ بَعْدَ الْقَبْضِ كَمَا سَيذكرُهُ قَرِيبا، لَان التَّحَالُف بعد الْقَبْض ثَبت بِالنَّصِّ على خلاف الْقيَاس، وورلاد الشَّرْع بِهِ فِي حَال قيام السّلْعَة، والسلعة اسْم لجميعها فَلَا تبقى بعد فَوَات جُزْء مِنْهَا، وَلَا يُمكن التَّحَالُف فِي الْقَائِم إِلَّا على اعْتِبَار حِصَّته من الثّمن، وَلَا بُد من الْقِسْمَة على قيمتهمَا،

وَالْقيمَة تعرف بِالظَّنِّ والحزر فَيُؤَدِّي إِلَى التَّحْلِيف مَعَ الْجَهْل وَذَلِكَ لَا يجوز.

قَوْله: (عِنْد المُشْتَرِي) أَي قَبْلَ نَقْدِ الثَّمَنِ.

قَوْلُهُ: (بَعْدَ قَبْضِهِمَا) فَلَوْ قَبْلَهُ يَتَحَالَفَانِ فِي مَوْتِهِمَا وَمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَفِي الزِّيَادَة لوُجُود الانكار من الْجَانِبَيْنِ.

كِفَايَة.

وَلَو عِنْد البَائِع قبل الْقَبْض تحَالفا على الْقَائِم عِنْدهم.

قَوْله: (لم يتحالفا عِنْد أبي حنيفَة) أَي وَالْقَوْل قَول المُشْتَرِي بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ التَّحَالُفَ مَشْرُوطٌ بَعْدَ الْقَبْضِ بِقِيَامِ السِّلْعَةِ وَهِي اسْم لجَمِيع الْمَبِيع كَمَا تقدم، فَإِذا هلك بعضه انْعَدم الشَّرْط.

وَقَالَ أَبُو يُوسُف: يَتَحَالَفَانِ فِي الْحَيّ وَيفْسخ العقد فِيهِ، وَلَا يَتَحَالَفَانِ فِي الْهَالِك، وَيكون القَوْل فِي ثمنه قَول المُشْتَرِي، وَقَالَ مُحَمَّد: يَتَحَالَفَانِ عَلَيْهِمَا وَيفْسخ العقد فيهمَا، وَيرد الْحَيّ وَقِيمَة الْهَالِك كَمَا فِي الْعَيْنِيّ.

قَوْله: (إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَائِعُ بِتَرْكِ حِصَّةِ الْهَالِكِ أصلا) أَي لَا يَأْخُذ من ثمن الْهَالِكِ شَيْئًا أَصْلًا، وَيَجْعَلُ الْهَالِكَ كَأَنْ لَمْ يكن وَكَأن العقد لن يكن، إِلَّا على الْحَيّ فَحِينَئِذٍ يَتَحَالَفَانِ فِي ثمنه وَيكون الثّمن كُله فِي مُقَابلَة الْحَيّ، وبنكول أَيهمَا لزم دَعْوَى الآخر كَمَا فِي غُرَرُ الْأَفْكَارِ.

قَوْلُهُ: (يَتَحَالَفَانِ) أَيْ عَلَى ثَمَنِ الْحَيّ فَإِن حلفا فسخ العقد فِيهِ وَأَخذه، وَلَا يُؤْخَذ من ثمن الْهَالِك وَلَا فِي قِيمَته شئ، وَأيهمَا نكل لزمَه دَعْوَى الآخر كَمَا فِي التَّبْيِين.

قَوْله: (هَذَا على تَخْرِيج الْجُمْهُور) أَي صرف الِاسْتِثْنَاء إِلَى التَّحَالُف، وَلَفظ الْمَبْسُوط يدل على هَذَا، لَان الْمُسْتَثْنى مِنْهُ عدم التَّحَالُف حَيْثُ قَالَ: لم يتحالفا إِلَّا أَن يرضى الخ.

قَوْله: (وَصرف مَشَايِخ بَلخ الِاسْتِثْنَاء) أَيْ الْمُقَدَّرَ فِي الْكَلَامِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَلَا تحالف بعد هَلَاكه بعضه بل الْيَمين على المُشْتَرِي.

قَالَ فِي غرر الافكار بعد ذكره مَا قَدَّمْنَاهُ، وَقِيلَ: الِاسْتِثْنَاءُ يَنْصَرِفُ إلَى حَلِفِ الْمُشْتَرِي الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ يَعْنِي يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِك قدر مَا أقرّ بِهِ المُشْتَرِي وَحلف، لَا الزَّائِد إِلَّا أَن يرضى البَائِع أَن يَأْخُذ الْقَائِم، وَلَا يخاصمه فِي الْهَالِك، فَحِينَئِذٍ لَا يحلف المُشْتَرِي إِذا الْبَائِعُ أَخَذَ الْقَائِمَ صُلْحًا عَنْ جَمِيعِ مَا ادَّعَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي، فَلَمْ يَبْقَ حَاجَةٌ إلَى تَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي.

وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْ ثَمَنِ الْهَالِكِ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمُشْتَرِي لَا الزِّيَادَة، فيتحالفان ويترادان فِي الْقَائِم إِ هـ.

قَوْله: (إِلَى يَمِين المُشْتَرِي) اعْلَم أَن الْمَشَايِخ اخْتلفُوا فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاء، فالعامة على أَنه منصرف إِلَى التَّحَالُف، لانه الْمَذْكُور فِي كَلَام الْقَدُورِيّ، فتقدير الْكَلَام: لم يتحالفا إِلَّا إِذا ترك البَائِع حِصَّة الْهَالِك فيتحالفان.

وَقَالَ بَعضهم: إِنَّه منصرف إِلَى يَمِين المُشْتَرِي الْمُقَدَّرَ فِي الْكَلَامِ، لِأَنَّ الْمَعْنَى: وَلَا تَحَالُفَ بَعْدَ هَلَاكِ

بَعْضِهِ بَلْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا أَن يرضى الخ: أَي فَحِينَئِذٍ لَا يَمِين على المُشْتَرِي، لانه لما أَخذ البَائِع بقول المُشْتَرِي وَصدقه لَا يحلف المُشْتَرِي، وَيكون القَوْل قَوْله بِلَا يَمِين، وَهَذَا إِنَّمَا يظْهر أَن لَو كَانَ الثّمن مفصلا أَو كَانَت قيمَة الْعَبْدَيْنِ سَوَاء أَو مُتَفَاوِتَة مَعْلُومَة، أما إِذا كَانَت قيمَة الْهَالِك مَجْهُولَة

<<  <  ج: ص:  >  >>