للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قلت: فيفتى بِهِ لترجحه بِكَوْن ظَاهر الرِّوَايَة وَإِن اخْتلف التَّصْحِيح كَمَا تقدم.

أَقُول: وَمثل مَا تقدم من الِاسْتِعَارَة والاستيداع وَأَخَوَاتهَا الاقتسام.

قَالَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ رامزا لفتاوى رشيد الدّين: قسم تَرِكَة بَين وَرَثَة أَو قبل تَوْلِيَة لوقف أَو وصاية فِي تَرِكَة بعد الْعلم، وَالْيَقِين بِأَن هَذَا تَرِكَة أَو وقف ثمَّ ادَّعَاهُ لنَفسِهِ لَا تسمع اهـ.

وَتَمَامه فِيهِ.

قَوْله: (فَيمْنَع دَعْوَاهُ لنَفسِهِ) هَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ، وَأما كَونه إِقْرَارا بِالْملكِ لذِي الْيَد فَفِيهِ رِوَايَتَانِ مصححتان كَمَا علمت.

قَوْله: (وَلغيره) قَالَ فِي جَامع الْفُصُولَيْنِ: الْحَاصِل من جملَة مَا مر: أَن الْمُدَّعِي لَو صدر عَنهُ مَا يدل على أَن الْمُدَّعِي ملك الْمُدعى عَلَيْهِ تبطل دَعْوَاهُ لنَفسِهِ، وَلغيره للتناقض، وَلَو صدر عَنهُ مَا يدل على عدم ملكه وَلَا يدل على عدم ملك الْمُدعى عَلَيْهِ بَطل دَعْوَاهُ لنَفسِهِ لَا لغيره لانه إِقْرَار بِعَدَمِ ملكه لَا بِملك الْمُدعى عَلَيْهِ.

وَلَو صدر عَنهُ مَا يحْتَمل الاقرار وَعَدَمه فالترجيح بالقرائن.

وَإِلَّا فَلَا يكون إِقْرَارا للشَّكّ.

اهـ.

قَوْله: (بوكالة أَو وصاية) يَعْنِي إِذا أقرّ الرجل بِمَال أَنه لفُلَان، ثمَّ ادَّعَاهُ لنَفسِهِ لم يَصح، وَكَذَا إِذا ادَّعَاهُ بوكالة أَو وصاية لوَرَثَة موصيه لَان فِيهِ تناقضا، لَان المَال الْوَاحِد لَا يكون لشخصين فِي حَالَة وَاحِدَة كَمَا فِي الدُّرَر.

قَوْله: (للتناقض) مَحَله مَا إِذا كَانَ لَا يخفى سَببه كَمَا تقدم.

قَوْله: (بِخِلَاف إبرائه) أَي لَو أَبرَأَهُ

من جَمِيع الدَّعَاوَى ثمَّ ادّعى عَلَيْهِ وكَالَة للْغَيْر أَو ليتيم هُوَ وَصِيّه صَحَّ لعدم التَّنَاقُض، لانه إِنَّمَا أَبرَأَهُ عَن حق نَفسه لَا عَن حق غَيره.

قَوْله: (بهما) أَي بِالْوكَالَةِ والوصاية.

قَوْله: (لعدم التَّنَاقُض) لَان إِبْرَاء الرجل عَن جَمِيع الدَّعَاوَى الْمُتَعَلّقَة بِمَالِه لَا يَقْتَضِي عدم صِحَة دَعْوَى مَال لغيره على ذَلِك الرجل.

دُرَر.

قَوْلُهُ: (ذَكَرَهُ فِي الدُّرَرِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمَذْكُورِ مَتْنًا مِنْ قَوْلِهِ: وَكَذَا إلَخْ سِوَى الاعادة وَإِلَى الْمَذْكُورِ شَرْحًا، فَجَمِيعُ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِيهَا، وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّحَهُ فِي الْجَامِعِ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ فَقَطْ، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ، وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِكَوْنِهِ إقْرَارًا مُنْلَا خُسْرو.

وَفِي النَّظْمِ الْوَهْبَانِيِّ لعبد الْبر ذكر خلافًا.

ثُمَّ قَالَ وَالْحَاصِلُ: أَنَّ رِوَايَةَ الْجَامِعِ أَنَّ الِاسْتِيَامَ وَالِاسْتِئْجَارَ وَالِاسْتِعَارَةَ وَنَحْوَهَا إقْرَارٌ بِالْمِلْكِ لِلْمُسَاوَمِ مِنْهُ وَالْمُسْتَأْجَرِ مِنْهُ، وَرِوَايَةُ الزِّيَادَاتِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ إقْرَارًا بِالْمِلْكِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ.

كَذَا فِي الْعِمَادِيَّةِ.

وَحَكَى فِيهَا اتِّفَاقَ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّهُ لَا مِلْكَ لِلْمُسَاوِمِ وَنَحْوِهِ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا الْخلاف يبتنى صِحَّةُ دَعْوَاهُ مِلْكًا لِمَا سَاوَمَ فِيهِ لِنَفْسِهِ أَو لغيره اهـ.

وَإِنَّمَا جَزَمْنَا هُنَا بِكَوْنِهِ إقْرَارًا أَخْذًا بِرِوَايَةِ الْجَامِع الصَّغِير، وَالله تَعَالَى أعلم اهـ.

قَالَ السَّائِحَانِيُّ: وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ إنْ أَبْدَى عُذْرًا يُفْتَى بِمَا فِي الزِّيَادَاتِ مِنْ أَنَّ الِاسْتِيَامَ وَنَحْوَهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا، وَفِي الْعِمَادِيَّةِ وَهُوَ الصَّحِيح.

وَفِي السِّرَاجِيَّة أَنه الاصح.

وَقدمنَا عَن الانقروي أَنه قَالَ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَصْحِيحِ مَا فِي الزِّيَادَاتِ وَأَنَّهُ ظَاهر الرِّوَايَة اهـ.

أَقُول: لَكِن فِي الاستيام لنَفسِهِ على كل من الرِّوَايَتَيْنِ يكون إِقْرَارا بِأَنَّهُ لَا ملك لَهُ فِيهِ فَكيف يَدعِيهِ لنَفسِهِ؟ نعم لَهُ أَن يَدعِيهِ لغيره لعدم التَّنَاقُض بِنَاء على رِوَايَة الزِّيَادَات، وَمِمَّا يُؤَيّد ذَلِك مَا نذكرهُ قَرِيبا فِي المقولة الْآتِيَة فِي التَّتِمَّة حَتَّى لَو برهن يكون دفعا.

تَأمل.

قَوْله: (وَصَححهُ فِي الْجَامِع) أَي صحّح مَا مر من أَن الاستيام والاستعارة والاستئجار وَنَحْوهَا إِقْرَار بِالْملكِ للمساوم مِنْهُ والمستعار مِنْهُ، وَالْمُسْتَأْجر مِنْهُ، وَالْمرَاد بالجامع جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ، وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْجَامِعِ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>