تَتِمَّة: الاستشراء مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي كَوْنِهِ إقْرَارًا بِأَنَّهُ لَا ملك للْمُدَّعِي كالاستشراء مِنْ الْمُدَّعَى
عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ بَرْهَنَ يَكُونُ دَفْعًا قَالَ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنْ الصُّغْرَى: أَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الِاسْتِيدَاعُ وَكَذَا الاستيهاب وَنَحْوه كالاستشراء.
قَوْله: (خلافًا لتصحيح الْوَهْبَانِيَّة) أَي فِي مَسْأَلَة الاستيام، لَان الْمَبِيع يحْتَمل أَن يكون فِي يَد البَائِع عَارِية أَو غصبا أَو يكون وَكيلا أَو فضوليا، فَلم يقتض ثُبُوت الْملك للْبَائِع، كَذَا ذكره ابْن وهبان، وَهَذَا مَا فِي الزِّيَادَات.
قَوْله: (ووفق شارحها الشُّرُنْبُلَالِيّ) أَي بَين مَا فِي الْجَامِع والزيادات.
قَوْله: (بِأَنَّهُ إِن قَالَ بِعني هَذَا) أَي مثلا أَو هبني أَو أجرني وَنَحْوه.
قَوْله: (كَانَ إِقْرَارا) أَي اعترافا لَهُ بِالْملكِ لانه جازم بِأَنَّهُ ملكه، وَقد طلب شِرَاءَهُ مِنْهُ أَو هِبته أَو إِجَارَته.
قَوْله: (وَإِن قَالَ أتبيع هَذَا) أَو هَل أَنْت بَائِع هَذَا لَا يكون إِقْرَارا بل استفهاما، لانه يحْتَمل أَن يقْصد بذلك استظهار حَاله، هَل يَدعِي الملكية وَجَوَاز البيع لَهُ أَو لَا؟ أَو يكون مُرَاده طلب إشْهَادٍ عَلَى إقْرَارِهِ بِإِرَادَةِ بَيْعِ مِلْكِ الْقَائِلِ؟ فَيلْزمهُ بِهِ بعد ذَلِك: أَي بِإِقْرَارِهِ الضمني بِنَاء على رِوَايَة الْجَامِع، ونفتي بِهَذِهِ الْمَسْأَلَة بِرِوَايَة الزِّيَادَات، لَكِن قد يُقَال: إِن مَا ذكره لَا يصلح أَن يكون تَوْفِيقًا بَين الْقَوْلَيْنِ بل هُوَ تَفْصِيل فِي كَون الْمَذْكُورَات قد يكون بَعْضهَا إِقْرَارا بِعَدَمِ ملك الْمقر، وَقد يكون ملك الْمقر، فَتَأمل.
وَالْحَاصِل: أَنه إِذا قَالَ بِعني إِيَّاه إِنَّمَا يَصح ذَلِك فِيمَا إِذا كَانَ مَمْلُوكا للمخاطب، فَإِن الانسان لَا يطْلب من غَيره أَن يَبِيعهُ مَال نَفسه، فَيكون ذَلِك اعترافا مِنْهُ لَهُ بِالْملكِ فَلَا يَدعِيهِ بعد ذَلِك لنَفسِهِ، وَلَا لغيره.
وَإِن قَالَ أتبيع فَلَعَلَّهُ يُرِيد أَن يَبِيعهُ لَو وكَالَة عَنهُ أَو فضولا فَلَا يكون إِقْرَارا لَهُ بِالْملكِ.
قَوْله: (صك البيع) أَي وَثِيقَة الْمُبَايعَة.
قَوْله: (فَإِنَّهُ) أَي مَا ذكر من كِتَابَة الِاسْم والختم.
قَوْله: (لَيْسَ بِإِقْرَار بِعَدَمِ ملكه) أَي فَمَا هُنَا أولى أَو مسَاوٍ: أَي فَلهُ أَن يَدعِيهِ بعد ذَلِك لنَفسِهِ وَلغيره: أَي فَقَوله أتبيع هَذَا أولى بِأَن لَا يكون إِقْرَارا بِعَدَمِ ملكه، وَصُورَة مَسْأَلَة كِتَابَته وختمه على صك البيع: هِيَ أَنه لَو كتب شَهَادَته وَختم عَلَيْهَا على صك فِيهِ بَاعَ فلَان لَا يكون اعترافا مِنْهُ بِالْبيعِ، فَإِن الانسان قد يَبِيع مَال غَيره فضولا، بِخِلَاف مَا لَو كَانَ الصَّك مَكْتُوبًا فِيهِ بيعا صَحِيحا أَو نَافِذا، فَإِن كِتَابَة الشَّهَادَة عَلَيْهِ حِينَئِذٍ تكون اعترفا لَهُ بِالْملكِ، فَلَا يَصح بعد ذَلِك أَن يَدعِيهِ لنَفسِهِ، وَكَذَلِكَ هُنَا إِذا قَالَ بعنيه إِنَّمَا يَصح ذَلِك فِيمَا إِذا كَانَ مَمْلُوكا للمخاطب، فَإِن الانسان لَا يطْلب من غَيره أَن يَبِيعهُ مَال نَفسه إِلَى آخر مَا قدمْنَاهُ، وَيجب تَقْيِيده أَيْضا بِغَيْر أحد الزَّوْجَيْنِ وَالرحم الْمحرم وَبِمَا إِذا لم يُصَرح فِي صك البيع.
مهمة: فِي الْبَزَّازِيَّة عَن الزِّيَادَات: ساوم ثوبا ثمَّ ادّعى أَنه كَانَ لَهُ قبل المساومة أَو كَانَ لابيه يَوْم مَاتَ قبل ذَلِك وَتَركه مِيرَاثا لَا يسمع.
أما لَو قَالَ كَانَ لابي وَكَذَلِكَ بِالْبيعِ فساومته وَلم يتَّفق البيع يسمع، وَلَو ادَّعَاهُ أَبوهُ يسمع أَيْضا، وَكَذَا لَو قَالَ قضى لابي وَمَات قبل الْقَبْض وَتَركه مِيرَاثا لي يسمع أَيْضا وَإِن لم يقْض للاب حَتَّى مَاتَ وَتَركه مِيرَاثا لَا يقْضى، لَان دوَام الْخُصُومَة شَرط وَلَا يُمكن، لانه لَا يصلح خصما بعد المساومة.
وعَلى هَذَا لَو الادعى رجل شِرَاء ثوب وشهدا لَهُ بِالشِّرَاءِ من الْمُدعى عَلَيْهِ وَقضى أَولا ثمَّ زعم أحد الشَّاهِدين أَن الثَّوْب لَهُ أَو لابيه وَورثه هُوَ عَنهُ لَا يسمع دَعْوَاهُ لما قُلْنَا.
وَلَو قَالَ عِنْد الشَّهَادَة هَذَا الثَّوْب بَاعه مِنْهُ هَذَا لكنه لي أَو لابي ورثته عَنهُ يقْضى بِالْبيعِ وَيسمع دَعْوَى الشَّاهِد، فَإِذا برهن على مدعاه قضى لَهُ لِانْعِدَامِ التَّنَاقُض، وَلَو قَالَ قولا وَلم يؤديا الشَّهَادَة ثمَّ ادَّعَاهُ