للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ثمَّ رده لَا يرْتَد انْتهى، فَغير هَذَا الشَّارِح عِبَارَته إِلَى مَا ترى، فضمير فِيهَا يرجع إِلَى أَربع مسَائِل مَذْكُورَة فِي شرح الوهبانة، لَا إِلَى الْوكَالَة، وَالْمَسْأَلَة الرَّابِعَة من شرح الْوَهْبَانِيَّة هِيَ هبة الدّين مِمَّن عَلَيْهِ الدّين لَا تصح من غير قبُول، خلافًا لزفَر.

كَذَا اخْتَار السَّرخسِيّ: وَقيل الْخلاف على الْعَكْس، وَفِي قاضيخان مثله، وَذكر أَبُو اللَّيْث أَنَّهَا تصح من غير قبُول إِلَّا أَنَّهَا تبطل بِالرَّدِّ، وَفِي الذَّخِيرَة والواقعات أَن عَامَّة الْمَشَايِخ على أَن هبة الدّين وإبراءه يتم من غير قبُول.

وَفِي الْعمادِيَّة: الْمَذْكُور فِي أَكثر الْكتب والشروح: أَن الْقبُول لَيْسَ بِشَرْط عندنَا وَهُوَ الصَّحِيح، ثمَّ ذكر عَن الصُّغْرَى أَنه يرْتَد بِالرَّدِّ انْتهى، فَهَذِهِ خمس مسَائِل، لَكِن لم يذكر قَوْله وَلَو صدقه فِي هَذَا كُله، إِلَّا بعد الاربعة الاول، وَهِي الْوكَالَة والاقرار والابراء وَالْوَقْف، وَلَا شكّ أَن هَذَا الْمَقْصُود لَا يفهم من هَذَا الشَّرْح.

قَوْله: (لَا يرْتَد بِالرَّدِّ) قد علمت أَن من جملَة مرجع الضَّمِير الْوكَالَة وَهِي عقد غير لَازم، فَكيف لَا ترتد بِالرَّدِّ، وَيُمكن تصويرها فِيمَا إِذا وَكله بشرَاء معِين وَقبل الْوكَالَة فَاشْتَرَاهُ بِمثل مَا عين لَهُ من قدر الثّمن ثمَّ ادّعى أَنه رد الْوكَالَة فَلَا يقبل ط.

قَوْله: (وَهل يشْتَرط لصِحَّة الرَّد مجْلِس الابراء) ذكره الْعَلامَة عبد الْبر فِي إِبْرَاء الدَّائِن مديونه من الدّين، وَعبارَته بعد ذكر هَذِه الْمَسْأَلَة، وَهل يشْتَرط لصِحَّة الرَّد مجْلِس الابراء؟ اخْتلف الْمَشَايِخ.

وَلَو قَالَ أبرئني مِمَّا لَك عَليّ فَقَالَ أَبْرَأتك فَقَالَ لَا أقبل فَهُوَ برِئ.

وَفِي بعض النّسخ.

هبة

الدّين مِمَّن عَلَيْهِ لَا تتمّ إِلَّا بِالْقبُولِ، والابراء يتم لَكِن للمديون حق الرَّد قبل مَوته إِن شَاءَ انْتهى.

قَوْله: (وَالضَّابِط) قَالَ الْعَلامَة عبد الْبر عَن تَقْوِيم الدبوسي: الصَّدَقَة بِالْوَاجِبِ: أَي الثَّابِت فِي الذِّمَّة إِسْقَاط كصدقة الدّين على الْغَرِيم، وَهبة الدّين لَهُ فتتم لَهُ بِغَيْر قبُول، وَكَذَا سَائِر الاسقاطات تتمّ من غير قبُول، إِلَّا أَنَّ مَا فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ مِنْ وَجْهٍ قبل الارتداء بِالرَّدِّ، وَمَا لَيْسَ فِيهِ تمْلِيك مَال لم يقبل كإبطال حق الشُّفْعَة وَالطَّلَاق، وَهَذَا ضَابِط جيد فَتنبه لَهُ.

اهـ.

قَالَ بعض الْفُضَلَاء: هَذَا الضَّابِط ظَاهر فِيمَا يقبل الرَّد من الانشاءات، لَكِن هُوَ خَارج عَمَّا الْبَحْث فِيهِ من كَون الاقرار يرْتَد أَو لَا يرْتَد، إِذْ الاقرار لَا تمْلِيك فِيهِ.

تَأمل.

قَوْله: (صَالح الخ) وليت هَذَا الْفَرْع مَا جعل متْنا وَلَا شرحا، إِذْ أصل الْعبارَة: قَالَ تَاج الاسلام: وبخط شيخ الْإِسْلَامِ وَجَدْتُهُ: صَالَحَ أَحَدَ الْوَرَثَةِ وَأَبْرَأَ إبْرَاءً عَاما ثمَّ ظهر شئ فِي التَّرِكَة لَمْ يَكُنْ وَقْتَ الصُّلْحِ لَا رِوَايَةَ فِي جَوَاز الدَّعْوَى، وَلقَائِل أَيْن يَقُول: يجوز دَعْوَى حِصَّتِهِ مِنْهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ، وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُول: لَا اهـ.

ثمَّ اختصرها فِي الاشباه وَتَبعهُ هُنَا.

قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيّ: نقلهَا فِي الاشباه بِمَا فِيهِ اشْتِبَاه لَا يَلِيق، لانه معزو إِلَى الْخط، وَفِيه نظر، وَبرهن عَلَيْهِ فِي رِسَالَة اهـ.

وَيُؤَيِّدهُ مَا سَيَأْتِي: لَو صَالح الْوَرَثَة أحدهم ثمَّ ظهر عين لم يعلموها هَل تدخل فِي الصُّلْح؟ قَولَانِ: أشهرهما: لَا، فَهَذَا بِلَا إِبْرَاء فِيهِ رِوَايَة مَشْهُورَة بِعَدَمِ السماع، فَكيف مَعَ الابراء الَّذِي بمفرده يمْنَع السماع.

<<  <  ج: ص:  >  >>