«مَوضِعٌ بخَيْبر، فلما ثَبَت أَنَّ رَسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَم يَزَل يَقْصُر مَخْرَجَه مِن المدينة إلى مكة = كانت السُّنة في التَّقْصِير، فلو أَتَمَّ رَجُلٌ مُتَعمِّدًا مِن غَير أنْ يُخَطِّئَ مَن قَصَر، لم يكن عليه شيء.
فأما إن أتمَّ متعمدًا، مُنكِرًا للتقصير فعليه إعادة الصلاة».
وقرأت -في رواية حَرْمَلَةَ عن الشافعي-: «يُستَحبُّ للمسافر أن يَقْبَلَ صَدقةَ الله ويَقْصُر، فإن أتم الصلاةَ -عن غير رَغْبةٍ عن قَبول رُخصَة الله - عز وجل - فلا إعادة عليه، كما يكون إذا صام في السفر، لا إعادة عليه.
وقد قال - عز وجل -: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤]. وكما تكون الرخصة في فِدية الأَذَى، فقد قال الله تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ}[البقرة: ١٩٦] الآية. فلو ترك الحَلْقَ والفِدية، لم يكن عليه بأس، إذا لم يَدَعْه رَغْبةً عن رُخْصَةٍ».
(٥١) أخبرنا أبو سعيد ابن أبي عمرو، حدثنا أبو العباس محمدُ بن يعقوبَ، أخبرنا الربيع بن سليمان، أخبرنا الشافعي - رحمه الله - قال: «قال الله - عز وجل -: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ}[النساء: ١٠١] ... الآية. قال: فكان بَيِّنًا في كتاب الله أنَّ قَصْرَ الصلاة -في الضَّرب في الأرض، والخوف- تَخفيفٌ مِن الله - عز وجل - عن خلقه، لا أن فرضًا عليهم أن يَقْصُروا، كما كان قوله:{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً}[البقرة: ٢٣٦] لا أَنَّ حَتمًا عليهم أن يُطَلِّقُوهُن في هذه الحال (١).