للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

(١٠) مَا يُؤْثَرُ عَنهُ في الصِّيَامِ

قَرأتُ في روَايةِ المُزَنِيِّ، عن الشَّافِعي أنه قال: «قال اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُه:

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٨٣) أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ} [البقرة: ١٨٣ - ١٨٤]، ثم أبان أن هذه الأيام شهر رمضان بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} إلى قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: ١٨٥] وكان بَيِّنًا في كتاب الله - عز وجل - أَلَّا يجب صومٌ، إلا صوم شهر رمضان، وكان عِلمُ شَهر رمضان- عِند مَن خُوطِب باللَّسان- أنه الذي بين شَعْبانَ وشَوَّال» (١).

وذكره في رواية حَرْمَلةَ عنه بمعناه، وزاد قال: «فَلَمَّا أَعْلَمَ اللهُ النَّاسَ أَنَّ فَرضَ الصَّوم عليهم: شَهر رمضان، وكانت الأَعاجِم تَعُدُّ الشُّهور بالأيام، لا بِالأهِلَّة، وتذهبُ إلى أن الحِسَاب -إذا عُدَّت الشُّهور بالأهلة- يختلف؛ فأبان اللهُ تعالى: أَنَّ الأَهِلَّةَ هي المواقِيتُ للناس والحَجِّ، وذكر الشهور، فقال: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٦] فَدلَّ على أن الشهور للأهِلَّة؛ إذ جَعلها المواقيتَ، لا ما ذَهَبتْ إليه الأَعاجمُ مِن العَدد بِغير الأَهلة، ثُم بَيَّن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك، على ما أنزل الله - عز وجل -، وبَيَّن أَنَّ الشَّهر تِسْعٌ وعِشرون، يعني: أن الشَّهر قَد يَكونُ تِسْعًا وعِشرين، وذلك أنهم قد كانوا يعلمون أن الشَّهرَ يكون ثَلاثين، فَأعْلمَهم أنه قد يكونُ تِسْعًا وعشرين، وأعلمهم أن ذلك للأهلة».


(١) ينظر «الرسالة» (ص ١٥٧).

<<  <   >  >>