(٢٢)«مَا يُؤْثَر عنه في الصَّيْد والذَّبَائِح، وفي الطَّعَام والشَّرَاب».
قَرأتُ في كتاب «السُّنَن» -رواية حَرْمَلة بن يَحيى- عن الشافعي
قال:«قال الله جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ}[المائدة: ٤] قال الشافعي: فكان معقولًا عن الله - عز وجل - إِذْ أَذِنَ في أَكْل مَا أَمْسَكَت الجَوارِحُ- أنهم إنما اتَّخذُوا الجَوارحَ، لما لم يَنالُوه إلا بالجوارح، وإن لم يَنزِل ذلك نَصًّا مِن كتاب الله - عز وجل -.
فقال الله - عز وجل -: {لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ}[المائدة: ٩٤]. وقال تعالى:{لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}[المائدة: ٩٥]. وقال تعالى:{وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا}[المائدة: ٢].
قال: ولما ذكر الله - عز وجل - أَمْرَه بالذَّبْح وقال:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣]، كان معقُولًا عن الله - عز وجل - أنه إنما أمر به فيما يُمكِن فيه الذَّبح والذَّكَاة، وإن لم يذكره.
فلما كان معقولًا في حُكْم الله - عز وجل - ما وصَفْتُ، انبغى لأهل العِلم عِندي أن يَعلَمُوا: أن ما حَلَّ مِن الحَيوان بِذَكَاة، فَذَكَاةُ المَقْدورِ عليه: مثل الذَّبح، أو النَّحْر، وذَكَاةُ غَيرِ المَقْدُورِ عليه منه: ما نِيل به جَارِحٌ، أو سِلاح».