للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

تُتْبِعُوا أَهواءَكم، أفعالكم، فَيصِير المَيْل بالفعل الذي ليس لكم، {فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ}، وما أشبه ما قالوا- عندي- بما قالوا؛ لأن الله تعالى تجاوز عَمَّا في القلوب، وكتب على الناس الأفعال والأقاويل. وإذا مال بالقول والفعل، فذلك كل الميل» (١).

(١١٦) أنبأني أبو عبد الله الحافظ -إجازةً- أَنَّ أبا العباس محمد بن يعقوبَ حدَّثهم، أخبرنا الرَّبيعُ بن سليمان، أخبرنا الشافعي، قال: «قال الله - عز وجل -: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٤] إلى قوله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ [وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} [النساء: ٣٤].

قال الشافعي: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}] (٢) يَحْتَمِلُ إذا رأى الدِّلَالاتِ -في أَفْعَالِ المَرأةِ وأَقَاويلِها- على النُّشُوز، وكان للخَوف مَوْضِعٌ= أن يَعِظَها فإنْ أَبْدَت نُشوزًا، هَجَرها، فإن أَقَامَت عليه، ضَرَبها، وذلك أَنَّ العِظَةَ مُباحَةٌ قَبْل فِعْلِ المَكروه إذا رَأيتَ أسبَابَه، وأن لا مُؤنة فيها عليها تَضُرُّ بها، وأن العِظَة غَيرُ مُحَرَّمةٍ مِن المَرءِ لأَخِيه، فكيف لامرَأتِه؟ والهِجرةُ لا تَكُون إلا بِمَا يَحِل به؛ لأن الهِجْرةَ مُحرَّمةٌ -في غير هذا الموضع- فوق ثلاث، والضَّربُ لا يكون إلا ببيان الفعل (٣): يدل على أن حالات المرأة في اختلاف -ما تُعَاتَب فيه، وتُعَاقَب- مِن العِظة، والهِجرة، والضَّرب مختلفة، فإذا اختلفت، فلا يشبه معناها إلا ما وصفتُ.


(١) «الأم» (٦/ ٤٨٣)، و «السنن الكبير» للبيهقي (١٥/ ١٢٦).
(٢) بينهما سقط من «م».
(٣) زاد هنا في «الأم»: (فالآية في العظة والهجرة والضرب على بيان الفعل).

<<  <   >  >>