للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأحْكَم اللهُ - عز وجل - فَرْضَ القصَاص في كتابه، وأبانت السُّنةُ لِمَن هو، وعلى مَن هو» (١).

(١٣٩) أخبرنا أبو عبد الله، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، قال: «مِن العِلم العَام الذي لا اختلاف فيه بَين أَحَدٍ لَقِيتُه -فحدثني وبلغني عنه مِن عُلماء العَرب-: أنها كانت قبل نزول الوَحْي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تَبايَنُ في الفَضْل، ويكون بينها ما يكون بَين الجِيران مِن قَتل العَمْد والخَطَإ، وكان بَعضُها يَعرِفُ لِبعض الفَضْل في الدِّيات، حتى تكونَ ديةُ الرجل الشَّريف أَضعافَ دِيةِ الرَّجُل دُونَه، فأخذ بذلك بعضٌ مِن بَيْن أَظْهُرها من غيرها ناقصة مما كانت تأخذ به، فكانت دِيةُ النَّضِيريِّ، ضِعْفَي دِية القُرَظِيِّ، وكان الشريفُ مِن العَرب إذا قُتِل: تَجاوزوا (٢) قاتِلَه، إلى مَن لم يَقْتُلْه مِن أشراف القَبِيلَة التي قَتلَه أحدُها، وربما لم يَرْضَوا إلا بعددٍ يَقتلونهم، فَقَتل بَعضُ غَنِيٍّ: شأسَ بنَ زهير، فجمع عليهم أبوه -زهيرُ بنُ جذيمة- فقالوا له: سَلْ -أو بعض من نُدِب عنهم-: سل في قتل شأس، فقال: إحدى ثلاث لا يرضيني غيرُها، فقالوا: ما هي؟ فقال: تُحيُون لي شأسًا، أو تَملئون رِدَائِي مِن نجوم السماءِ، أو تدفعون لي غَنيًا بأسرها فأقتلها، ثم لا أرى أني أَخذتُ عِوضًا.

وقُتِل كُلَيبُ وائِلٍ، فاقتتلوا دهرًا طويلًا، واعْتَزَلَهُم (٣) بعضُهم، فأصابوا ابنًا له -يقال له: بَجِير- فأتاهم، فقال: قد عَرَفْتُم عُزْلَتِي، فَبَجِيرٌ بِكُلَيب- وهو


(١) «الأم» (٧/ ١٠).
(٢) في «د»، و «ط»: (تجاوز).
(٣) في «د»، و «ط»: (اعذلهم).

<<  <   >  >>