للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأخبر أنه كَره انْبِعَاثَهُم؛ إذ كانوا على هذه النِّيَّة، فكان فيها ما دَلَّ على أن الله - عز وجل - أَمر أن يُمْنَع مَن عُرِف -بما عُرِفُوا به- مِن أَنْ يَغْزُو مع المسلمين؛ لأنه ضَررٌ عَليهِم، ثم زاد في تأكيد بيان ذلك، بقوله تعالى: {فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ} قرأ إلى قوله تعالى: {فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ} [التوبة: ٨١: ٨٣]. وبسط الكلام فيه» (١).

وبهذا الإسناد، قال: قال الشافعي - رحمه الله -: «قال الله تبارك وتعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ} [التوبة: ١٢٣].

فَفرَض اللهُ جهادَ المشركين، ثم أَبان مَنِ الذي يُجاهِدُهم مِن المشركين، فأعلم: أنهم الذين يَلُونَ المسلمين، وكان معقُولًا -في فَرْضِ جهادهم- أن أَوْلَاهُم بأن يُجَاهَد أَقْربَهم مِن المُسلِمين دارًا؛ لأنهم إذا قَدرُوا على جهادهم وجهاد غيرهم، كانوا على جهاد مَن قَرُب منهم أقوى، وكان مَن قَرُب، أولى أن يُجَاهَد؛ لقربه مِن عَوْراتِ المُسلمين، فإن نِكَايَة مَن قَرُبَ، أَكثرُ مِن نِكَايَة مَن بَعُد» (٢).

(١٦١) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، قال: «فرض الله تبارك تعالى الجهاد في كتابه، وعلى لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، ثم أَكَّد النَّفِير (٣) مِن الجهاد، فقال: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [التوبة: ١١١].


(١) «الأم» (٥/ ٣٧٨: ٣٨٠).
(٢) «الأم» (٥/ ٣٨٦).
(٣) المثبت من «الرسالة». وفي الأصول: (التفسير).

<<  <   >  >>