للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[التوبة: ١ - ٢] الآية وما بعدها.

قال الشافعي: لَمَّا قَوِيَ أهلُ الإسلام أَنزلَ اللهُ تعالى على النبي - صلى الله عليه وسلم - مَرْجِعَه مِن تَبوك: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: ١].

ثم ساق الكلام، إلى أن قال: فقيل: كان الذين عاهدوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قومًا مُوَادِعِينَ، إلى غَير مُدَّةٍ معلومة، فَجعلها اللهُ - عز وجل - أربعةَ أَشْهُر، ثم جَعلها رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كَذلك، وأمرَ اللهُ نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - في قَومٍ عَاهدهُم إلى مُدة، قَبل نُزولِ الآية-: أن يُتِمَّ إليهم عَهدَهم إلى مُدَّتهم، ما استقامُوا (١) له، ومَن خَاف منه خِيانةً منهم، نَبَذ إليه، فلم يَجُز أن يَستأنِف مُدَّة، بعد نزول الآية -وبالمسلمين قُوةٌ- إلى أكثر من أربعة أشهر» (٢).

وبهذا الإسناد، قال الشافعي: «مَن جاء مِن المشركين يُريدُ الإسلام، فَحَقٌّ على الإمام أن يُؤَمِّنَه حتى يَتلو عَليه كتابَ اللهِ - عز وجل -، ويدعوه إلى الإسلام، بالمعنى الذي يرجُو أَن يُدخِلَ اللهُ به عَليه الإِسْلام؛ لقول الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: ٦]. وإِبلاغُه مَأْمَنَه: أن يَمْنَعَه مِن المسلمين والمُعَاهِدين،

ما كان في بلاد الإسلام، أو حَيثُ ما يَتَّصِل ببلاد الإسلام.

قال: وقوله - عز وجل -: {ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} وَاللهُ أَعْلَمُ: مِنْك، أو مِمَّن يقدر


(١) في «د»، و «ط» (فاستقاموا).
(٢) «الأم» (٥/ ٤٥٦).

<<  <   >  >>