للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بالوفَاء منها- معصية.

واحتج: بأن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - صَالَح قريشًا بالحُدَيبية، على أَن يَرُدَّ مَن جَاءَه (١) مِنهُم، فأنزلَ الله تبارك وتعالى في امرأةٍ جَاءَتْه منهم مُسْلِمَة -سَمَّاها في مَوضِع آخر (٢): أُمَّ كُلْثُوم بنتَ عُقْبة بن أبي مُعَيْط {إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} إلى: {فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: ١٠] الآية إلى قوله: {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: ١٠] فَفَرضَ اللهُ - عز وجل - عليهم أن لا يَرُدُّوا النِّساء، وقد أَعْطَوْهُم رَدَّ مَن جَاءَهم مِنهم -وهُنَّ مِنهُم- فَحَبسَهُن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بأمْر الله - عز وجل -.

قال: وعَاهَد رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَومًا مِن المُشركين، فَأنزلَ اللهُ - عز وجل - عليه: {بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ١].

قال الشافعي- في صُلْحِه (٣) أهلَ الحديبية، ومَن صَالَح مِن المُشركين-: كان صُلحُه لهم طاعةَ اللهِ، إما عَن أَمْرِ اللهِ بما صَنَع نَصًّا، وإما أن يكون اللهُ - عز وجل - جعل له أن يَعْقِد لِمَن رَأى بِما رَأى، ثُم أنزل اللهُ - عز وجل - قَضاءَه عليه، فصار إلى قَضَاءِ اللهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ، ونَسَخ فِعْلَه، بِفِعْلِه بأمر الله، وكُلٌّ كان طَاعةً لله في وقته» (٤).

وبسط الكلام فيه.

وبهذا الإسناد، قال الشافعي - رحمه الله -: «وكان بَيِّنًا في الآية مَنعُ المُؤمِنات


(١) قوله: (جاءه)، في «د»، و «ط» (جاء).
(٢) «الأم» (٥/ ٤٦١).
(٣) قوله: (صلحه)، في «د»، و «ط» (صلح).
(٤) «الأم» (٥/ ٤٣٨: ٤٤٠).

<<  <   >  >>