للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثَمَنًا قَلِيلًا} [البقرة: ٧٩].

ألا يَنْهاكُم العِلمُ الذي جَاءكُم، عن مَسأَلَتِهم؟ ! واللهِ، ما رَأينا رَجُلًا منهم قَطُّ يَسْأَلُكُم عَمَّا أَنزَلَ اللهُ إليكُم» (١).

هذا: قوله في «كتاب الحدود»، وبمعناه أجاب في «كتاب القضاء باليمين مع الشاهد».

وقال فيه: «فَسمعتُ مَن أَرْضَى عِلمَه، يقول: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ} [المائدة: ٤٩]-إن حَكَمْتَ- على معنى قوله: {فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢]. فَتِلكَ مُفَسَّرَةٌ، وهذه جُمْلَةٌ.

وفي قوله - عز وجل -: {فَإِنْ تَوَلَّوْا} [المائدة: ٤٩] دِلالَةٌ على أنهم إن تولوا، لم يَكُن عليه الحُكمُ بينهم.

ولو كان قول الله - عز وجل -: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩] إلزامًا منه للحُكم بينهم = ألزمهم الحُكمَ مُتَولِّين؛ لأنهم إنما يَتَولَّوْن بَعد الإتْيَان، فَأمَّا مَا لم يَأْتُوا، فلا يُقَال لهم تَوَلَّوْا» (٢).

(١٧٥) وقد أخبرنا أبو سعيد - «في كتاب الجِزية» - حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، قال: «لم أعلم مُخَالِفًا -مِن أَهلِ العِلم بالسِّيَر- أَنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا نَزَل المَدِينةَ، وَادَع يَهودَ كَافَّة على غير جِزية، وأَنَّ قَولَ اللهِ - عز وجل -: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: ٤٢]. إنما نَزلَت في اليَهُود المُوادِعِين، الذين لم يُعْطُوا جِزيةً، ولم يُقِرُّوا بأن تَجري


(١) «الأم» (٧/ ٣٦٢)، والأثر أخرجه البخاري (٧٣٦٢)، من طريق إبراهيم بن سعد.
(٢) «الأم» (٨/ ١٠٣).

<<  <   >  >>