للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأجْرِه، وقد قال الله - عز وجل - في المُتَمَتِّع: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

وقال ابنُ عبَّاسٍ: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ}: شَاةٌ.

وأَمَرَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أصحابَه الذين تَمَتَّعُوا بالعُمْرة إلى الحج: أَن يَذبَحُوا شَاةً شَاةً، وكان ذلك أَقلَّ ما يُجْزيهِم؛ لأنه إذا أجزأه أدنى الدَّم، فَأعْلاهُ خَيرٌ منه» (١).

وبهذا الإسناد، قال الشَّافِعِيُّ: «أَحَلَّ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ طَعامَ أَهلِ الكِتَابِ وكان طَعامُهم -عند بَعض مَن حَفِظتُ عنه مِن أهل التفسير-: ذَبائِحَهُم وكانت الآثَارُ تَدُلُّ على إحلال ذبائحهم، فإن كانت ذبائحهم يُسَمُّونها لله - عز وجل -، فهي حلال، وإن كان لهم ذبح آخر، يُسَمُّون عليه غَيرَ اسم الله - عز وجل - مثل: اسْم المَسِيح، أو يَذبحُونه باسْمٍ دُونَ اللهِ = لم يَحِل هذا مِن ذَبائِحِهم.

قال الشافعي: قد يُبَاح الشَّيءُ مُطلقًا، وإنما يُرَادُ بَعضُه، دُون بَعضٍ، فإذا زَعَم زَاعِمٌ: أَنَّ المُسلِم إن نَسِي اسمَ اللهِ، أُكِلَت ذَبيحَتُه، وإنْ تَركَه اسْتِخْفَافًا لم تُؤْكَل ذَبيحَتُه، وهو لا يَدَعُه لِشِركٍ = كان مَن يَدعُه على الشِّرك أَوْلَى أَنْ يُتْرَك ذَبيحَتُه.

قال الشافعي: وقَد أَحَلَّ اللهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لُحومَ البُدْن مُطْلَقة، فقال تعالى: {فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا} [الحج: ٣٦]. ووجدنا بَعضَ المُسلمين، يَذهبُ إلى أن لا يُؤْكَل مِن البَدَنَة التي هي نَذْرٌ، ولا جَزاءُ صَيدٍ، ولا فِديَةٌ.

فلما احْتمَلت هذه الآية، ذَهبنا إليه، وتَركنا الجُمْلة، لا أنها بِخِلَاف


(١) «الأم» (٣/ ٥٨٣).

<<  <   >  >>