للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَددَ الشَّهَادَة، فانتهى إلى شَاهِدَين.

فَدلَّ ذلك: عَلى أن كَمَال الشَّهادة -في الطَّلاق والرَّجْعَة-: شاهدان، لا نِساءَ فيها؛ لأن شاهدين لا يَحْتَمِلُ بَحَالٍ أن يكونا إلا رَجُلَين.

وذاك أَنِّي لم أَلْق مخالفًا حَفِظتُ عنه -مِن أَهلِ العِلْم- أَنَّ حَرامًا أن يُطَلِّقَ بِغَير بِيِّنَة، على أَنَّه وَاللَّهُ أَعْلَمُ دِلالةُ اختيار.

واحتملت الشهادة على الرَّجْعَة -مِن هَذا- ما احْتَمل الطَّلاقُ.

ثم ساق الكلام، إلى أن قال:

والاخْتِيارُ في هذا، وفي غيره، مِمَّا أُمِر فيه بالإشهاد» (١).

وبهذا الإسناد، قال الشافعي (١: «قال الله تبارك: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] الآية، والتي بعدها، وقال في سياقها: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢].

قال الشافعي: فذكر الله - عز وجل - شُهُودَ الزِّنا، وذَكَر شُهودَ الطَّلاق والرَّجْعَة، وذكر شُهودَ الوَصِيَّة، يعني: قَولَه تعالى: {اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ١٠٦] = فلم يذكر معهم امرأة.

فَوجَدنا شُهودَ الزِّنا يَشهدونَ عَلى حَدٍّ، لا مال.

وشهودَ الطَّلاقِ والرَّجْعَة يَشهدون على تحريمٍ بعد تَحْلِيل، وتَثْبِيتِ


(١) «الأم» (٨/ ١٩١).

<<  <   >  >>