للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال: وقال مُجَاهِدٌ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: ٣٣]: المَالَ، كَائِنَةٌ أَخلاقُهُم وأَدْيانهم ما كَانَت.

قال الشافعيُّ: الخَيْرُ: كَلِمَةٌ يُعْرَفُ مَا أُرِيدَ بها، بالمُخَاطَبَة بها.

قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [البينة: ٧] فَعَقَلْنا: أَنهم خَيرُ البريةِ، بِالإيْمَانِ وعَمَلِ الصَّالِحَات، لا بِالمال.

وقال اللهُ - عز وجل -: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} [الحج: ٣٦] فَعَقَلْنا: أَنَّ الخَيرَ: المَنْفَعَةُ بالأَجْر، لا أَنَّ في البُدْنِ لَهُم مالًا.

وقال اللهُ - عز وجل -: {إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا} [البقرة: ١٨٠] فَعَقلْنا: أَنَّه: إِن تَرَك مَالًا؛ لأنَّ المَال: المَتُروكُ، ولقوله: {الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} [البقرة: ١٨٠]. فَلمَّا قال اللهُ - عز وجل -: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} كان أَظْهَرُ مَعانِيها -بدلالة ما استدللنا به مِن الكِتاب-: قَوَّةً على اكْتِسَاب المَال، وأَمَانَةً؛ لأنه قد يكونُ قَويًّا، فَيَكْتَسِب (١) فلا يُؤَدِّي إذا لَم يَكُن ذَا أَمَانَةٍ.

وأَمينًا، فلا يَكونُ قَويًّا على الكَسْب فلا يؤدي.

ولا يَجُوزُ عِندي وَاللَّهُ أَعْلَمُ في قوله تعالى: {عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} إلا هذا،

وليس الظَّاهِرُ أَنَّ القَولَ: إِنْ عَلِمْتَ في عَبْدِكَ مَالًا؛ لِمْعَنَيَيْن:

أحدهما: أَنَّ المَالَ لا يَكُونُ فِيه إِنما يَكُونُ عِنْدَه، لا فيه.

ولَكِن يَكونُ فيه الاكْتِسَاب، الذي يُفِيدُه المال.

والثاني: أَنَّ المَال الذي في يَدِه: لِسَيِّدِه، فَكَيفَ يُكَاتِبُه بِمَالِه (٢)؟ !


(١) في «د»، و «ط» (فيكسب).
(٢) في «د»، و «ط» (بمال).

<<  <   >  >>