للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثم ذكر الشافعيُّ - رحمه الله - الآياتِ التي وَردَت في فَرضِ اللهِ - عز وجل - طَاعَةَ رَسُولِه - صلى الله عليه وسلم -، منها: قوله - عز وجل -: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} [النساء: ٥٩] فقال بعضُ أهلِ العِلْم: «أولوا (١) الأمر: أُمَراءُ سَرَايا رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -».

وهكذا أُخْبِرنا واللَّهُ أَعْلَم وهو يُشْبِهُ ما قال واللَّهُ أَعْلَمُ؛ لأن من كان حول مَكَّة مِن العَرب لم يكن يَعرفُ إِمَارَةً، وكانت تَأْنَفُ أن يُعْطِيَ بَعْضُها بَعْضًا طَاعَةَ الإِمَارَة، فَلَمَّا دَانَتْ لِرَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بالطاعة، لَم تَكُن تَرى ذَلِك يَصْلُح لِغَيْر رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأُمِروا أَن يُطِيعُوا أُولِي الأمْرِ الذِين أَمَّرَهُم رَسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، لا طاعةً مُطْلَقَةً، بَل طَاعَةً يُسْتَثْنى فيها، لهم وعليهم (٢)، وقال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ} [النساء: ٥٩] يعني: إِنِ اخْتَلَفتُم في شيءٍ. وهذا -إن شاء الله- كما قال في أولي الأمر؛ لأنه (٣)

يقول: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} يعني واللَّهُ أَعْلَمُ: هُم وأُمَراؤُهُم الذين أُمِرُوا بِطَاعَتِهم {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} يعني واللَّهُ أَعْلَمُ: إلى ما قال اللهُ والرَّسولُ، إنْ عَرَفْتُمُوه، وإن لم تَعْرِفُوه سَأَلتُم رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عنه إذَا وَصَلْتُم إليه، أو مَن وَصَل إليه؛ لأَنَّ ذَلكَ الفَرْضُ الذِي لا مُنَازَعَةَ لكم فيه؛ لقول الله - عز وجل -: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦] ومَنْ تَنَازَع مِمَّن بَعُدَ عن رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - رَدَّ الأمرَ إلى قَضَاءِ اللهِ، ثُم إلى قَضَاءِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإن لم


(١) في «م» (أولي).
(٢) في «الرسالة» (بل طاعة مستثناة، فيما لهم وعليهم).
(٣) في «الرسالة» (إلا أنه) ..

<<  <   >  >>