للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكر بعض علماء مصر: قال حكيم من حكماء مصر: إذا رأيت الهرمين ظننت أنه لا يعملهما بشر، ولا يقدر الخلق على عمل مثلهما ولم يتولهما إلا خالق الأرض، ولذلك قال بعض من رآهما: ليس من شيء إلا وأنا أرحمه من الدهر إلا الهرمين فإني أرحم الدهر منهما، ولم يمر الطوفان على شيء إلا أهلكه وقد مرَّ عليهما ولم يؤثر فيهما، لأن إدريس عليه السلام هو [الذي بناهما] قبل نوح وقبل الطوفان (١).

ووجد عليهما مكتوب: إني بنيت هذين الهرمين خوفاً من آفة تكون في الأرض: غرق أرضي أو غرق سماوي، ومثل هذا وجد مكتوباً على دير القصير.

وقال الشاعر في الهرمين:

حسرت عقول أولى النهى الأهرام … واستصغرت لعظيمها الأحلامُ

ملساء منّبقة البناء شواهق … قصرت لعالٍ دونهن سهامُ

لم أدر حين كبا التفكر دونها … واستوهمت لعجيبها الأوهامُ

أقبور أملاك الأعاجم هن أم … طِلّسم رَملِ كُنّ أم أعلامُ؟ (٢)

ومن عجائبها: بربا سمنود وما فيه من التماثيل والصور وأمثلة قوم قد ملكوا بعد ذلك، حتى ذكر بعض العلماء أنه رأى فيه قوما عليهم الشاسيات وفي أيديهم الحراب، وفيه مكتوب: هؤلاء يملكون مصر (٣).

ومنها: بربا دندرة، فيه عدد أيام السنة كوى، تدخل الشمس في كل يوم من كُوَّة لا ترجع إليها إلى مثله من قابل (٤).

ومنها: منارة الإسكندرية، طولها مائتا ذراع وثمانون ذراعاً وكان فيها مرآة ترى [فيها] كل من يخرج من القسطنطينية (٥).


(١) ابن ظهيرة ص ١٥٤ وما بين حاصرتين منه. راجع حاشية ٤ ص ١٧ بخصوص بناة الأهرام.
(٢) فتوح مصر ص ٦٤، والقزوينى آثار البلاد ص ٢٦٨ وياقوت ج ٥ ص ٤٠١، وابن ظهيرة ص ١٥٦، والسيوطى: حسن المحاضرة ج ١ ص ٧٠
(٣) الخطط ج ١ ص ١٨٣، وابن ظهيرة ص ١٥١
(٤) ابن ظهيرة ص ١٥١
(٥) المصدر السابق وما بين حاصرتين منه.