للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأرض لحفر الخلج وإقامة الجسور والقناطر وسد الترع وقطع القضب (١) والحلفاء، ينقوا ذلك من حافتي النيل وطرفه (٢).

وقال محفوظ (٣) بن سليمان عامل خراج مصر: إذا تم النيل ست عشرة ذراعاً تم الخراج، فإن زاد ذراعاً واحداً زاد في المال مائة ألف دينار لما يروى من الأعالي، فإن زاد ذراعاً آخر نقص مائة ألف دينار لما يستبحر (٤) من البطون (٥).

وقال بعض علماء مصر: إنه ليس في الدنيا نهر أطول مدى من النيل يسير مسيرة شهر في بلدان الإسلام، وشهرين في بلد النوبة، وأربعة أشهر في الخراب، حيث لا عمارة، إلى أن يخرج من جبل القمر خلف خط الاستواء (٦).

وقالوا: ليس في الدنيا نهر يصب من الجنوب إلى الشمال غير النيل، وليس في الدنيا نهر يصب في بحر الروم والصين غير نيل مصر، وليس في الدنيا نهر يستقبل بجريه الشمال غير نيل مصر (٧).

ومن عجائبه أنه يطبخ بمائه العسل حين يبدو جريه وهو كدر، فيجئ في غاية الصفاء، وإن طبخ به في أيام صفائه لم ينتفع به.

وليس في الدنيا نهر يزيد ويجري في أشد ما يكون الحر حين تنقص أنهار الدنيا وعيونها غير النيل، وكلما زاد الحرّ كان أقوى لزيادته (٨).

وليس في الدنيا نهر يزيد بترتيب وينقص بترتيب غير نيل مصر (٩).


(١) القضب: كل شجر طالت وبسطت أغصانها.
(٢) ابن الكندى ص ٤١
(٣) محفوظ بن سليمان، عامل خراج مصر فى عهد هارون الرشيد ولاه سنة ١٨٧ هـ‍ ثم عزله، وأعيد فى عهد الخليفة الواثق، واستمر فى ولايته بمصر حتى مات سنة ٢٥٤ (الكندى ولاة مصر ١٦٦،١٦٧، وابن إياس ج ١ ص ١٥٨،١٥٩).
(٤) المستبحر: كل أرض وطيئة نفذ إليها الماء ولم يجد مصرفا حتى فات أوان الزرع والماء باق على الأرض (المقريزى: الخطط ج ١ ص ١٠١).
(٥) أورده ابن الكندى ص ٤١، والمقريزى ج ١ ص ٦٠، وابن ظهيرة ص ١٦٠
(٦) ابن ظهيرة ص ١٥٩
(٧) المصدر السابق.
(٨) ابن ظهيرة ص ١٦٩
(٩) المصدر السابق.