للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونيل مصر يصب في بحر القلزم ويصير إلى عدن والصين، وقد يصب في بحر الهند والسند والصين والشام. وأنه يوجد فيه عند جريه العود والخيزران والقنا (١). ويوجد في مائه عسيلة كأنه شيب بلعاب الشهد (٢).

وكان موسى بن عيسى الهاشمي حين توجه إلى مصر لأمارتها، كان الماء يخلط له بالعسل في طريقه، فلما بلغ إلى فاقوس سقي ماء النيل حافا، فلما شرب قال: زدتم في عسله؟ فقالوا: هو حاف، فتعجب من ذلك.

وهو يصب في بحر الشمال ويسير في بلد الروم وبلد الأندلس وإلى سائر الآفاق، وليس في الدنيا نهر يزرع عليه ما يزرع على نيل مصر، ولا يجبى خراج من نهر من أنهار الدنيا مثل ما يجبى من سقى النيل (٣).

أنشدني محمد بن القاسم الدارمى:

كأنما النيل إذا … نسيم ريح حركه

بُنَيّه ترقص في … غِلالة مُمَسَّكه

تريك في تحريكها … لكل عضو حركه (٤)

أنشدني محمد بن القاسم في صفة أمواج النيل:

كأن النيل حين جرى … وفات بجريه البصرا

وأصبح من تحنقه … يزيد مؤثرا أثرا

فوجه الماء به كسر … كالأعكان والسررا

وقال بعض الشعراء يصف إحداق النيل بالشجر والضياع ويصف طيب هوائها:

ما الخلد إلا مصر في أيلول … يحل بالغدو والأصيل

بالبر من نسميها [*] العليل … كم سروة (٥) محفوفة بالنيل

كأنها مائدة النخيل (٦)


(١) نفس المصدر.
(٢) نفس المصدر.
(٣) حسن المحاضرة ج ٢ ص ٣٥٥
(٤) أورده ابن ظهيرة ص ١٦٩ نقلا عن ابن زولاق.
(٥) السّروة: جنس شجر حرجى للتزيين، من فصيلة السّرويّات، الواحدة: سروة.
(٦) لدى ابن ظهيرة فى الفضائل المطبوع ص ٧٠ وهو ينقل عن ابن زولاق «البخيل» ولا أراه صوابا.

[*] (تعليق الشاملة): كذا في المطبوع، وهو خطأ طباعي، صوابه «نسيمها»