للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وللنيل زيادات ونقصان تنتهي إليه، فجميع السنين التي دخل النيل فيها ذراع تسع عشرة، عشرون سنة من الهجرة. وجميع السنين التي قصر النيل فيها عن ثماني عشرة ذراعاً مائة سنة وسنة، آخرها سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وقد تولاه الظمأ سنين متوالية، أكثرها خمس سنين، وأكثر ما وجد في المقياس من النقصان سنة سبع وتسعين ومائة، فإنه وجد في المقياس تسع أذرع وإحدى وعشرون إصبعاً، وأقل ما وجد في المقياس سنة خمس وستين ومائة، وجد فيه ذراع واحدة وعشر أصابع، وأكثر ما بلغ في الزيادة سنة تسع وسبعين، فإنه بلغ ثمان عشرة ذراعاً وسبع عشرة إصبعاًً. وأقل ما كان في الظمأ سنة ست وخمسين وثلاثمائة الهلالية، فإنه بلغ اثنتي عشرة ذراعاً وسبع عشرة إصبعاً، وهي أيام كافور الخادم، ولا سُمِعَ بغلاء، وكانت تعقب سنة ثلاث وسبعين ومائتين وهي سنة النصف وَيْبَة بدينار، وكان القمح بلغ تسعة أقداح بدينار، والخبز ست أواق بدرهم، وهي أول أيام جوهر (١).

وأما المقياس للنيل بمصر فأول مقياس عمل لدلوكة العجوز في نواحي إخميم، وكانت هناك، ثم عملت القبط آخر في قصر الشمع عند قيسارية الصوف، وكان في القصر عند باب الصغير مقياس للروم، ثم عمل عبد العزيز بن مروان أمير مصر بحلوان مقياساً، وعليه كان يعمل.

ثم عمل أسامة بن زيد عامل خراج مصر لسليمان بن عبد الملك مقياسا عند أنف الجزيرة القبلي وهو باق إلى اليوم، ثم عمل المتوكل مقياسا بالجزيرة وعليه العمل اليوم، ثم عمل محمد بن عبد الله خازن الرشيد مقياسا بصناعة مصر وهو باق إلى اليوم. وهذه جميع مقياسات مصر.

وفي سنة أربع وأربعين ومائتين فرغ عمل المقياس الذي أمر المتوكل ببنائه، فكان الذي يتولى أمر المقياس النصارى، فورد كتاب المتوكل في هذه السنة على بكار بن قتيبة القاضي بأن لا يتولى ذلك إلا مسلم يختاره، فاختار بكار لذلك


(١) أورده ابن ظهيرة بطوله ص ١٦١ نقلا عن ابن زولاق.