وهذا تعطيل للنصوص من نوع التحريف والإلحاد ليس من نوع التأويل السائغ وفيه من المفاسد أشياء.
أحدها: سقوط الاعتماد على هذا الحديث فإن ما علم أنه منهى عنه بخصوصه فقد علم حكمه بذلك النهي وما لم يعلم يندرج في هذا الحديث فلا يبقى في هذا الحديث فائدة مع كون النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يخطب به في الجمع ويعده من جوامع الكلم.
الثاني: أن لفظ البدعة ومعناها يكون اسماً عديم التأثير فتعليق الحكم بهذا اللفظ أو المعنى تعليق له بما لا تأثير له كسائر الصفات العديمة التأثير.
الثالث: أن الخطاب بمثل هذا إذا لم يقصد إلا الوصف الآخر - وهو كونه منهياً عنه - كتمان لما يجب بيانه وبيان لما لم يقصد ظاهره فإن البدعة والنهي الخاص بينهما عموم وخصوص إذ ليس كل بدعة جاء عنها نهي خاص وليس كل ما جاء فيه نهي خاص بدعة فالتكلم بأحد الاسمين وإرادة الآخر تلبيس محض لا يسوغ للمتكلم إلا أن يكون مدلساً كما لو قال " الأسود " وعنى به الفرس أو " الفرس " وعنى به الأسود.
الرابع: أن قوله: (كل بدعة ضلالة وإياكم ومحدثات الأمور) إذا أراد بهذا ما فيه نهي خاص كان قد أحالهم في معرفة المراد بهذا الحديث على ما لا يكاد يحيط به أحد ولا يحيط بأكثره إلا خواص الأمة ومثل هذا لا يجوز بحال.
الخامس: أنه إذا أريد به ما فيه النهي الخاص كان ذلك أقل مما ليس فيه نهي خاص من البدع فإنك لو تأملت البدع التي نهى عنها بأعيانها وما لم ينه عنها بأعيانها وجدت هذا الضرب هو الأكثر واللفظ العام لا يجوز أن يراد به الصور القليلة أو النادرة. فهذه الوجوه وغيرها توجب القطع بأن هذا التأويل فاسد لا يجوز حمل الحديث عليه سواء أراد المتأول أن يعضد التأويل بدليل صارف أو لم يعضده فإن على