للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالنَّفْسِ) (المائدة: ٤٥) ، فإذا قتل نفساً بحق أي بنفس أخرى فلا لوم عليه ولا إثم، ويرث القاتل من المقتول إذا قتله بحق، ولا يرث القاتل من المقتول إذا قتله بغير حق.

ولنضرب لهذا مثلاً بثلاثة أخوة قتل الكبير منهم الصغير عمداً، فالذي يرث الصغير أخوه الأوسط، وأخوه الكبير لا يرثه؛ لأنه قتله بغير حق ثم طاب الأوساط بدم أخيه الصغير، فقتل أخاه الكبير قصاصاً، فهل يرث الأوسط من أخيه الكبير وهو قاتله؟ نعم يرث؛ لأنه قتله بحق. والكبير الذي قتل الصغير لا يرث؛ لأنه قتله بغير حق.

فالقتل بحق لا لوم فيه وليس له أثر؛ لأنه قصاص، والله تعالى يقول: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة: ١٧٩) .

وقوله عزّ وجلّ: (أَوْ فَسَادٍ) والفساد في الأرض ليس معناه أن يسلط الإنسان الحفار فيهدم بيتاً ولو كان ذلك بغير حق. فهذا وإن كان فساداً، لكن لا يحل به دم مسلم، والفساد في الأرض إنما يكون بنشر الأفكار السيئة، أو العقائد الخبيثة، أو قطع الطريق، أو ترويج المخدرات أو ما أشبه ذلك، هذا هو الفساد في الأرض. فمن أفسد في الأرض على هذا الوجه فهدمه هدر حلال، يُقتل لأنه ساع في الأرض بالفساد؛ بل إن الله تعالى قال في نفس السورة: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ ٌ) (المائدة: ٣٣) ، على حسب جريمتهم، إن كانت كبيرة فبالقتل، وإن كانت دونها فبالصلب، وإن كانت دونها فبقطع

<<  <  ج: ص:  >  >>