عائشة ـ رضي الله عنهاـ وبقيت حبيسة البيت لا تخرج، وكان النبي صلى الله عليه وسلم من عادته إذا عادها في مرضها سأل وتكلم وتحفَّى. أما في ذلك الوقت فكان عليه الصلاة والسلام لا يتكلم، يأتي ويدخل ويقول:((كيف تيكم؟)) أي كيف هذه، ثم ينصرف، وقد استنكرت ذلك منه رضي الله عنها، ولكنها ما كان يخطر ببالها أن أحدا يتكلم في عرضها بما فيه دنس فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد أشاع المنافقون هذه الفرية على الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم لا كراهة لذاتها؛ ولكن كراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وبغضاً له، ومحبة في إيذائه وأن يدنس فراشه قاتلهم الله أنى يؤفكون.
ولكن الله تعالى أنزل في هذه القصة عشر آيات من القرآن ابتدأها بقوله:(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[النور: ١١] ، والذي تولى كبره هو رأس المنافقين عبد الله بن أبيّ المنافق، فإنه هو الذي كان يشيع الخبر.
لكنه خبيث لا يشيعه بلفظ صريح فيقول مثلاً إن فلاناً زنى بفلانة، لكنه يشيع ذلك بالتعريض والتلميح؛ كأن يقول: يذكر، يقال، يقولون: وما أشبه ذلك لأن المنافقين جبناء يتسترون ولا يصرحون بما في نفوسهم، فيقول عز وجل:(وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ)[النور: ١١ ـ١٢] .
وفي هذا توبيخ من الله عز وجل للذين تكلموا في هذا الأمر، يقول: لولا إذا سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً، وذلك أن أم