المؤمنين أمهم فكيف يظنون ما لا يليق بها رضي الله عنها، وكان الواجب عليهم لما سمعوا هذا الخبر؛ أن ظنوا بأنفسهم خيراً وتبرؤوا منه وممن قاله.
(لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ)[النور: ١٣] ، يعني هلا جاءوا عليه بأربعة شهداء يشهدون على هذا الأمر.
(فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ) ولو صدقوا، ولهذا لو أن شخصا شاهد إنسانا يزني، وجاء إلى القاضي وقال أنا أشهد أن فلانا يزني، قلنا: هات أربعة شهداء، فإذا لم يأت بأربعة شهداء؛ جلدناه ثمانين جلدة، فإن جاء برجل ثان معه؛ جلدناهم كل واحد ثمانين جلدة، وثالث أيضا نجلد كل واحد ثمانين جلدة.
فمثلاً لو جاءنا ثلاثة يشهدون بأنهم رأوا فلانا يزني بفلانة، ولم يثبت ذلك، فإننا نجلد كل واحد ثمانين جلدة، ولهذا قال الله تعالى:(لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[النور: ١٣ ـ ١٤] .
لولا الفضل والرحمة من الله؛ لأصابكم فيما أفضتم فيه العقاب المذكور، وفي قوله:(أَفَضْتُمْ فِيهِ) دليل على أن الحديث انتشر وفاض واستفاض واشتهر؛ لأنه أمر جلل عظيم خطير، وقد جرت العادة بأن الأمور الكبيرة تنتشر بسرعة وتملأ البيوت، وتملأ الأفواه والآذان (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ إِذْ