هذا أيضاً من الصدقات؛ أن تعين الرجل في دابته فتحمله عليها إذا كان لا يستطيع أن لا يركبها بنفسه، أو تحمل له عليها متاعه، تساعده على حمل المتاع على الدابة فهذا صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة؛ يعني إذا رأيت ما يؤلم المشاة فأمطته أي: أزلته فهذه صدقة، سواء كان حجراً، أم زجاجاً، أم قشر بطيخ، أم ثياباً يلتوي بعضها على بعض، أو ما أشبه ذلك.
والحاصل أن كل ما يؤذي أَزِلْه عن الطريق، فإنك بذلك تكون متصدقاً، وإذا كان إماطة الأذى عن الطريق صدقة؛ فإن إلقاء الأذى في الطريق سيئة.
ومن ذلك من يلقون قمامتهم في وسط الشارع، أو يتركون المياه تجري في الأسواق فتؤذي الناس، مع أن في ترك المياه مفسدة أخرى، وهي استنفاد الماء؛ لأن الماء مخزون في الأرض، قال الله تعالى:(فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ)[الحجر: ٢٢] ، والمخزون ينفد.
ولهذا نرى أن الذي يترك المياه ويسرف في صرفها ولا يبالي في ضياعها مسيء إلى كل الأمة؛ لأن الماء مشترك، فإذا أسأت في تصريفه وأنفقته ولم تبال به كنت مسرفاً، والله لا يحب المسرفين، وكنت مسيئاً لتهديد الأمة قي نقص مائها أو زواله، وهذا ضرر عام.
والحاصل أن الذين يلقون في الأسواق ومسار الناس ما يؤذيهم هم مسيئون، والذين يزيلون ذلك هم متصدقون.
((وتميط الأذى عن الطريق صدقة، والكلمة الطيبة صدقة)) ، وهذه ـ ولله الحمد ـ من أعم ما يكون. الكلمة الطيبة تنقسم إلى قسمين: طيبة بذاتها، طيبة بغاياتها.