وقال بعضهم: إن التورية تعد كذباً؛ لأنها خلاف الواقع، وإن كان المتكلم قد نوى بها معنى صحيحاً، واستدلوا على ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إن إبراهيم عليه الصلاة والسلام يعتذر عن الشفاعة بأنه كذب ثلاث كذبات في ذات الله)) وهو لم يكذب عليه الصلاة والسلام، لكنه ورّى.
وعلى كل حال فالإنسان المصلح ينبغي له أن يتحرز من الكذب، وإذا كان ولابد فليتأول؛ ليكون بذلك مورياً، والإنسان إذا كان مورياً فلا إثم عليه فيما بينه وبين الله، والتورية جائزة عند المصلحة.
أما اللفظ الثاني ففيه زيادة عن الإصلاح بين الناس، وهو الكذب في الحرب.
والكذب في الحرب هو أيضاً نوع من التورية مثل أن يقول للعدو: إن ورائي جنوداً عظيمة وما أشبه ذلك من الأشياء التي يرهب بها الأعداء.
وتنقسم التورية في الحرب إلى قسمين:
قسم في اللفظ، وقسم في الفعل. مثل ما فعل القعقاع بن عمرو رضي الله عنه في إحدى الغزوات؛ فإنه أراد أن يرهب العدو فصار يأتي بالجيش في الصباح، ثم يغادر المكان، ثم يأتي به في صباح يوم آخر وكأنه مدد جديد جاء ليساعد المحاربين المجاهدين، فيتوهم العدو أن هذا مدد