أما من أقسم على الله تألياً على الله، واستكباراً على عباد الله، وإعجاباً بنفسه فهذا لا يبر الله قسمه؛ لأنه ظالم ومن ذلك قصة الرجل العابد الذي كان يمر برجل مسرف على نفسه، فقال: والله لا يغفر الله لفلان، أقسم أن الله لا يغفر له، لماذا يقسم؟ هل المغفرة بيده؟ هل الرحمة بيده؟ فقال الله جل وعلا:((من ذا الذي يتألى عليّ أن لا أغفر لفلان؟)) استفهام وإنكار ((فإني قد غفرت له وأحبطت عملك)) ؛ نتيجة سيئة والعياذ بالله، لم يبر الله بقسمه، بل أحبط عمله، لأنه قال ذلك إعجاباً بعمله، وإعجاباً بنفسه، واستكباراً على عباد الله عز وجل.
أما حديث أسامة بن زيد، فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:((قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين)) ، يعني أكثرهم؛ أكثر ما يدخل الجنة الفقراء؛ لأن الفقراْء في الغالب أقرب إلى العبادة والخشية لله من الأغنياء (كَلَّا إِنَّ الْإنْسَانَ لَيَطْغَى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى)[العلق: ٦، ٧] ، والغني يرى أنه مستغن بماله، فهو أقل تعبداً من الفقير، وإن كان من الأغنياء من يعبد الله أكثر من الفقراء، لكن الغالب, ((وأصحاب الجد محبوسون)) يعني أصحاب الحظ والغنى محبوسون لم يدخلوا الجنة بعد؛ الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء ((غير أن أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار)) .