ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما نقله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال:((لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة)) .
أولاً: عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، وعيسى بن مريم آخر أنبياء بني إسرائيل، بل آخر الأنبياء قبل محمد صلى الله عليه وسلم، فإنه لم يكن بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم نبي، كما قال الله تعالى:(وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرائيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ)[الصف: ٦] ، فليس بين محمد صلى الله عليه وسلم وبين عيسى بن مريم نبي.
وأما ما يذكر عند المؤرخين من وجود أنبياء في العرب كخالد بن سنان وغيره، فهذا كذب ولا صحة له.
وعيسى بن مريم كان آية من آيات الله عز وجل، كما قال تعالى:(وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)[المؤمنون: ٥٠] كان آية في منشئه، وآية في وضعه.
أما في منشئه فإن أمه مريم رضي الله عنها حملت به من غير أب، حيث أرسل الله عز وجل جبريل إليها فتمثل لها بشراً سويا، ونفخ في فرجها فحملت بعيسى صلى الله عليه وسلم. والله على كل شيء قدير، فالقادر على أن يخلق الولد من المني قادر على أن يخلقه من هذه النفخة، كما قال تعالى:(إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)[آل عمران: ٥٩] .
لا يستعصي على قدرة الله شيء، إذا أراد شيئاً قال له: كن فكان، فحملت وولدت، وقيل: إنه لم يبق في بطنها كما تبقى الأجنة، ولكنها