ذكر المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما ساقه من الآيات الكريمة في باب الحنو على الفقراء واليتامى والمساكين وما أشبههم، قال: وقول الله تعالى: (أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى وَوَجَدَكَ ضَالاً فَهَدَى وَوَجَدَكَ عَائِلاً فَأَغْنَى فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)[الضحى: ٦، ١١] ، الخطاب في قوله:(أَلَمْ يَجِدْكَ) للنبي صلى الله عليه وسلم. يقرر الله تعالى في هذه الآيات أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يتيماً، فإنه عليه الصلاة والسلام عاش من غير أم ولا أب، فكفله جده عبد المطلب، ثم مات هو في السنة الثامنة من عمره صلى الله عليه وسلم، ثم كفله عمه أبو طالب. فكان يتيماً وكان صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم لأهل مكة على قراريط، يعني على شيء يسير من الدراهم؛ لأنه ما من نبي بعثه الله إلا ورعى الغنم، فكل الأنبياء الذين أرسلوا أول أمرهم كانوا رعاة غنم، من أجل أن يعرقوا ويتمرنوا على الرعاية وحسن الولاية، واختار الله لهم أن تكون رعيتهم غنماً؛ لأن راعي الغنم يكون عليه السكينة والرأفة والرحمة؛ لأنه يرعى مواشي ضعيفة بخلاف رعاة الإبل،
رعاة الإبل أكثر ما يكون فيهم الجفاء والغلظة؛ لأن الإبل كذلك غليظة قوية جبارة.
فنشأ صلى الله عليه وسلم يتيماً، ثم إن الله سبحانه وتعالى أكرمه فيسر له زوجة صالحة، وهي أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها؛ تزوجها وله خمس وعشرون من العمر ولها أربعون سنة، وكانت حكيمة عاقلة صالحة، رزقه