(وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَه)[الأنعام: ٥٢] ، نهاه الله عز وجل أن يطرد هؤلاء وإن كانوا فقراء، وإن لم يكن لهم قيمة في المجتمع، لكن لهم قيمة عند الله؛ لأنهم يدعون الله بالغداة والعشي، يعني صباحاً ومساءً، يدعونه دعاء مسألة فيسألونه رضوانه والجنة، ويستعيذون به من النار.
ويدعونه دعاء عبادة فيعبدون الله، وعبادة الله تشتمل على الدعاء، ففي الصلاة مثلاً يقول الإنسان: رب اغفر لي، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وما أشبه ذلك، ثم إن العابد أيضاً إنما يعبد لنيل رضا الله عز وجل.
وفي قوله:(يُرِيدُونَ وَجْهَهُ) تنبيه على الإخلاص وأن الإخلاص له أثر كبير في قبول الأعمال ورفعة العمال عند الله عز وجل، فكلما كان الإنسان في عمله أخلص؛ كان أرضى لله وأكثر لثوابه، وكم من إنسان يصلي وإلى جانبه آخر يصلي معه الصلاة، ويكون بينهما من الرفعة عند الله والثواب والجزاء كما بين السماء والأرض، وذلك لإخلاص النية عند أحدهما دون الآخر.
فالواجب على الإنسان أن يحرص غاية الحرص على إخلاص نيته لله في عبادته، وألا يقصد بعبادته شيئاً من أمور الدنيا؛ لا يقصد إلا رضا الله وثوابه حتى ينال بذلك الرفعة في الدنيا والآخرة.
قال الله تعالى في آخر الآية:(مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ) يعني ليس عليك شيء منهم ولا عليهم