ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ في هذا الباب: باب الرفق باليتامى والمستضعفين والفقراء ونحوهم، قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله)) وأحسبه قال: ((وكالقائم الذي لا يفتر، وكالصائم الذي لا يفطر)) ، والساعي عليهم هو الذي يقوم بمصالحهم ومؤنتهم وما يلزمهم.
والأرامل هم الذين لا عائل لهم سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً، والمساكين هم الفقراء؛ ومن هذا قيام الإنسان على عائلته وسعيه عليهم، على العائلة الذين لا يكتسبون، فإن الساعي عليهم والقائم بمئونتهم ساع على أرملة ومساكين، فيكون مستحقاً لهذا الوعد ويكون كالمجاهد في سبيل الله، أو كالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذين لا يفطر.
وفي هذا دليل على جهل أولئك القوم الذين يذهبون يميناً وشمالاً ويدعون عوائلهم في بيوتهم مع النساء، ولا يكون لهم عائل فيضيعون؛ لأنهم يحتاجون إلى الإنفاق ويحتاجون إلى الرعاية وإلى غير ذلك، وتجدهم يذهبون يتجولون في القرى وربما في المدن أيضاً، بدون أن يكون هناك ضرورة، ولكن شيء في نفوسهم، يظنون أن هذا أفضل من البقاء في أهليهم بتأديبهم وتربيتهم.
وهذا ظن خطأ، فإن بقاءهم في أهلهم، وتوجيه أولادهم من ذكور وإناث، وزوجاتهم ومن يتعلق بهم أفضل من كونهم يخرجون يزعمون أنهم يرشدون الناس وهم يتركون عوائلهم الذين هم أحق من غيرهم