للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر الأنصار حقلاً يعني أكثرهم مزارع، وكان له بستان فيه ماء طيب مستقبل المسجد ـ أي مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ـ يعني أن المسجد في قبلة هذا البستان، وكان فيه ماء طيب عذب، يأتيه النبي صلى الله عليه وسلم ويشرب منه.

فلما نزل قوله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) بادر رضي الله عنه، وسابق وسارع وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله، إن الله تعالى أنزل قوله: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) وإن أحب أموالي إلي بيرحاء ـ وهذا اسم ذلك البستان ـ وإني أضعها: يعني بين يديك صدقة، إلى الله ورسوله: يعني تصرفها إلى الله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم متعجباً: بخٍ بخٍ ـ كلمة تعجب يعني ما أعظم هذه الهمة، وما أعلاها ـ ذاك مال رابح، ذاك مال رابح.

وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فهذا المال الرابح، فكم من حسنة يربح هذا المال إذا كانت الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة؟ صدق النبي صلى الله عليه وسلم: ((ذاك مال رابح، ذاك مال رابح. . أرى أن تجعلها في الأقربين)) . أرى أن تجعلها في الأقربين: أي أقاربك، ففعل رضي الله عنه، وقسمها في أقاربه وبني عمه.

وسيأتي إن شاء الله على بعض ما يستفاد من هذا الحديث، لكن تعجبوا كيف كانت مبادرة الصحابة رضي الله عنهم، ومسارعتهم إلى الخير، وكان ابن عمر إذا أعجبه شيء في ماله وتعلقت به نفسه تصدق به؛ لأجل أن يربحه ويلقاه فيما أمامه.

لكن ما تتمسك يه فهو إما زائل عنك وإما أن تزول عنه أنت، ولابد

<<  <  ج: ص:  >  >>