تصلها أم لا؟ وقالت: يا رسول الله، إني أمي قدمت وهي راغبة أفأصلها؟ فأمرها أن تصلها.
وقولها:((وهي راغبة)) قال بعض العلماء معناه: وهي راغبة في الإسلام؛ فيكون الأمر بصلتها من أجل تأليفها على الإسلام، وقيل: بل معنى قولها: وهي راغبة في أن أصلها، ومتطلعة إلى ذلك، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تصلها، وهذا هو الأقرب أنها جاءت تتشوق وتتطلع إلى أن تعطيها ابنتها ما شاء الله.
ففي هذا دليل على أن الإنسان يصل أقاربه ولو كانوا على غير الإسلام؛ لأن لهم حق القرابة، ويدل لهذا قوله تعالى في سورة لقمان:(وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)[لقمان: ١٥] ، يعني إن أمرك والداك وألحا في الطلب على أن تشرك بالله فلا تطعهما؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، ولكن صاحبهما في الدنيا معروفاً، أي أعطهم من الدنيا ما يجب لهم من الصلة، ولو كانا كافرين أو فاسقين؛ لأن لهما حق القرابة.
وهذا الحديث يدل على ما دلت عليه الآية، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها أن تصل أمها مع أنها كافرة.
ثم إن صلة الأقارب بالصدقة يحصل بها أجران: أجر الصدقة، وأجر الصلة، ودليل ذلك حديث زينب بنت مسعود الثقفية امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر النساء بالصدقة، فرجعت إلى بيتها وكان زوجها عبد الله بن مسعود خفيف ذات اليد يعني أنه ليس عنده مال،