كيفية أصحابه، ومعاملتهم له، إلى غير ذلك مما سألهم عنه، وقد ذكره البخاري مطولاً في صحيحه، وكان من جملة ما سألهم عنه: ماذا يأمر به؟ قالوا: كان يأمرنا بالصلة، والصدق، والعفاف.
الصلة: يعني صلة الرحم، والصدق: الخبر الصحيح المطابق للواقع، والعفاف: عن الزنى، وعما في أيدي الناس من الأموال، وكذلك الأعراض.
ثم إنه لما ذكر لهم ما ذكر قال له: إن كان ما تقوله حقاً فسيملك ما تحت قدمي هاتين، يقول ذلك وهو أحد الرئيسين في الدولتين الكبيرتين: الروم والفرس.
يقول ذلك وهو ملك له مملكة كبيرة عظيمة، لكنه يعلم أن ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم حق، وأنه هو الصواب المطابق للفطرة ولمصالح الخلق، كلن يأمر بالصدق والعفاف والأرحام. ثم ذكر المؤلف ـ رحمه الله ـ أحاديث في هذا المعنى، أي في صلة الأرحام، ومنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أنزل الله عليه (َأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)[الشعراء ٢١٤] ، جمع قريشاً، وعمم وخص وقال:((يا بني فلان، يا بني فلان، يا بني فلان)) يعدهم أفخاذاً أفخاذاً حتى وصل إلى ابنته فاطمة، قال:((يا فاطمة، أنقذي نفسك من النار؛ فإني لا أملك لكم من الله شيئاً)) وهذا من الصلة.
وبين أن لهم رحماً سيبلها ببلالها، أي سيبلها بالماء؛ وذلك لأن قطيعة الرحم نار والماء يطفئ النار، وقطيعة الرحم موت والماء به الحياة، كما قال تعالى:(وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيّ)[الأنبياء: ٣٠] ، فشبه