زارا امرأة كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها. فزاراها من أجل زيارة النبي صلى الله عليه وسلم إياها.
فلما جلسا عندها بكت، فقالا لها: ما يبكيك؟ أما تعلمين أن ما عند الله سبحانه وتعالى خير لرسوله؟ يعني خير من الدنيا.
فقالت: إني لا أبكي لذلك ولكن لا نقطاع الوحي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات انقطع الوحي، فلا وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا أكمل الله شريعته قبل أن يتوفى، فقال تعالى:(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِيناً)[المائدة: ٣] ، فجعلا يبكيان؛ لأنها ذكرتهما بما كانا قد نسياه.
وأما الأحاديث الأخرى ففيها أيضاً فضل الزيارة لله عز وجل، وأن الله سبحانه وتعالى يثيب من زار أخاه أو عاده في مرضه، فيقال له: طبت وطاب ممشاك. ويقال لمن زار أخاه لغير أمر دنيوي ولكن لمحبته في الله: إن الله أحبك كما أحببته فيه.
والزيارة لها فوائد فمع هذا الأجر العظيم، فهي تؤلف القلوب، وتجمع الناس، وتذكر الناسي، وتنبه الغافل، وتعلم الجاهل، وفيها مصالح كثيرة يعرفها من جربها.
وأما عيادة المريض ففيها كذلك أيضاً من المصالح والمنافع الشيء الكثير، وقد سبق لنا أنها من حقوق المسلم على المسلم: أن يعوده إذا مرض، ويذكره بالله عز وجل، بالتوبة والوصية وغير ذلك مما يستفيد منه.
فهذه الأحاديث وأشباهها تدل على أنه ينبغي للإنسان أن يفعل ما فيه المودة والمحبة لإخوانه؛ من زيارة وعيادة واجتماع وغير ذلك.