المهم أن أسباب الاشتباه كثيرة، فما هو الطريق إلى حل هذا الاشتباه؟ والجواب: أن الطريق بينه النبي صلى عليه الصلاة والسلام فقال: ((فمن اتقى الشبهات؛ استبرأ لدينه وعرضه)) من أتقاها يعني تجنبها إلى الشيء الواضح البيّن؛ فقد استبرأ لدينه وعرضه.
استبرأ لدينه: حيث سلم من الوقوع في المحرم. ولعرضه: حيث سلم من كلام الناس فيه؛ لأنه إذا أخذ الأمور المشتبهة؛ صار عرضة للكلام فيه، كما إذا أتى الأمور البينة الواضح تحريمها.
ثم ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثلاً لذلك بالراعي راعي غنم أو إبل أو بقر ((يرعى حول الحمى)) يعني حول الحمى الذي حماه أحد من الناس لا يرعى فيه أحد، ومعلوم أنه إذا حمي؛ ازدهر وكثُر عشبه أو كثر زرعه؛ لأن الناس لا ينتهكونه بالرعي، فالراعي الذي يرعى حول الحمى، يوشك أن يقع فيه؛ لأن البهائم إذا رأت الخضرة في هذا المحمي، ورأت العشب، فإنها تنطلق إليه وتحتاج إلى ملاحظة ومراقبة كبيرة.
ومع ذلك لو لاحظ الإنسان وراقب، فإنه قد يغفل، وقد تغلبه هذه البهائم، فترتع في هذا الحمى ((كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه)) .
ثم قال عليه الصلاة والسلام:((ألا وإن لكل ملك حمى)) وهذا يحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذلك إقراراً له، وأن الملك له أن يحمي مكاناً معيناً يُكثر فيه العشب لبهائم المسلمين؛ وهي البهائم التي تكون في بيت المال؛ كإبل الصدقة، وخيل الجهاد، وما أشبه ذلك.