وأما الذي يحمي لنفسه فإن ذلك حرامٌ عليه، لا يحل لأحد أن يحمي شيئاً من أرض الله يختص بها دون عباد الله، فإن ذلك حرامٌ عليه؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:" المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار".
فالكلأ لا يجوز لأحد أن يحميه فيضع عليه الشبك، أو يضع عنده جنوداً يمنعون الناس من أن يرعوا فيه، فهو غصب لهذا المكان، وإن لم يكن غصباً خاصاً؛ لأنه ليس ملكاً لأحد، لكنه منع لشيء يشترك فيه الناس جميعاً، فهذا لا يجوز، ولهذا قال أهل العلم: يجوز للإمام أن يتخذ حمى مرعى لدواب المسلمين بشرط ألا يضرهم أيضاً.
فقول الرسول صلى الله عليه وسلم:" ألا وإن لكل ملك حمى" يحتمل إنه إقرار، فإن كان كذلك؛ فالمراد به ما يحميه الملك لدواب المسلمين؛ كخيول الجهاد، وإبل الصدقة، وما أشبه ذلك.
ويحتمل أنه إخبار بالواقع وإن لم يكن إقراراً له؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قد يخبر بالشيء الواقع أو الذي سيقع من غير إقرار له، أخبر النبي عليه الصلاة والسلام أننا سنركب سنن اليهود والنصارى. فقال:((لتركبن سَنَن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا حجر ضبًّ لدخلتموه)) . قالوا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال:((فمن؟))