للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهل هذا إقرار؟ لا. لكنه تحذير

على كل حال الملك له حمى يُحمى سواء بحق أو بغير حق، فإذا جاء الناس يرعون حول الحمى؛ حول الأرض المعشبة المخضرة، فإنهم لا يملكون منع البهائم أن ترتع فيها.

ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((ألا وإن حمى الله محارمه)) الله عز وجلَّ أحاط الشريعة بسياج محكم، حمى كل شيء محرم يضر الناس في دينهم ودنياهم حماه، وإذا كان الشيء مما تدعو النفوس إليه شدد السياج حوله إذا كان مما تدعو النفوس إليه؛ فإنه يشدد السياح حوله.

انظر مثلاً إلى الزنى والعياذ بالله، الزنى سببه قوة الشهوة وضعف الإيمان، لكن النفوس تدعوا إليه؛ لأنه جبلة وطبيعة، فجعل حوله سياجاً يبعد الناس عنه فقال: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى) (الاسراء: ٣٢) ، لم يقل ولا تزنوا، قال (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى) يشمل كل ذريعة توصل إلى الزنى من النظر واللمس والمحادثة وغير ذلك.

كذلك الربا حرمه الله عزَّ وجلَّ، ولما كانت النفوس تطلبه لما فيه من الفائدة؛ حرم كل ذريعة إليه فحرم الحيل على الربا ومنعها، وهكذا جعل الله عزَّ وجلَّ للمحارم حمى له تمنع الناس من الوقوع فيها.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت؛ صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب)) .

((مضغة)) يعني قطعة لحم صغيرة بقدر ما يمضغه الإنسان، صغيرة لكن شأنها عظيم، هي التي تدبر الجسد ((إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا

<<  <  ج: ص:  >  >>