للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكيف، ثم يفتح الله للإنسان أبواباً من الرزق تردّ عليه ما أنفق، كما قال الله تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ: ٣٩) ، إي يجعل بدله خلفاً، فلا تظن أنك إذا تصدقت بعشرة من مائة فصارت تسعين أن ذلك ينقص المال؛ بل يزيده بركة ونماءً، وترزق من حيث لا تحتسب.

((وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزّاً)) ، يعني أن الإنسان إذا عفا عمن ظلمه فقد تقول له نفسه: إن هذا ذل وخضوع وخذلان، فبين الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله ما يزيد أحداً بعفو إلا عزاً، فيعزه الله ويرفع من شأنه، وفي هذا حثّ على العفو، ولكن العفو مقيد بما إذا كان إصلاحاً؛ لقول الله تعالى: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ) (الشورى: ٤٠) .

أما إذا لم يكن إصلاحاً بل كان إفساداً؛ فإنه لا يؤمر به، مثال ذلك: اعتدى شخص شرير معروف بالعدوان على آخر، فهل نقول للآخر الذي اعتُدي عليه: اعف عن هذا الشرير؟ لا نقول: اعف عنه؛ لأنه شرير، إذا عفوت عنه تعدَّى على غيرك من الغد، أو عليك أنت أيضاً، فمثل هذا نقول: الحزم، والأفضل أن تأخذه بجريرته، يعني أن تأخذ حقك منه، وألا تعفو عنه؛ لأن العفو عن أهل الشر والفساد ليس بإصلاح؛ بل لا يزيدهم إلا فساداً وشراًّ.

فأما إذا كان في العفو خير وإحسان، وربما يخجل الذي عفوت عنه ولا يتعدى عليك ولا على غيرك فهذا خير.

((وما تواضع أحد لله إلا رفعه)) هذا الشاهد من الحديث: ((ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>