فلما نزل به النبي صلى الله عليه وسلم ضيفاً رأى أنه لا أحد أكرم ضيفاً منه، فذهب يصيد للرسول صلى الله عليه وسلم صيداً، فصاد له حماراً وحشياً وكان في الجزيرة العربية في ذلك الوقت كثيرٌ من الصيد، لكنها قلت صاد له حماراً وحشياً وجاء به إليه فرده النبي صلى الله عليه وسلم فَصَعُبَ ذلك على الصعب؛ كيف يرد النبي صلى الله عليه وسلم هديته؟ فتغير وجهه، فلما رأى ما في وجهه طيب قلبه وقال:((إنا لم نرده عليك إلا أنا حُرم)) يعنى محرمون، والمحرم لا يأكل من الصيد الذي صيد من أجله.
فلو أن محرماً مر بك وأنت في بلدك وهو محرم وصدت له صيداً أو ذبحت له صيداً عندك، فإنه لا يحل له أن يأكل منه، وذلك لأنه ممنوع من أكل ما صيد من أجله، أما إذا لم تصده من أجله، فالصحيح أنه حلال له إذا لم تصده لأجله.
ولهذا أكل النبي صلى الله عليه وسلم من الصيد الذي صاده أبو قتادة رضي الله عنه؛ لأن أبا قتادة لم يصده من أجل الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا أحسن ما قيل في هذه المسألة، إنه إذا صيد الصيد من أجل المحرم كان حراماً عليه، وإن صاده الإنسان لنفسه وأطعم منه المحرم فلا بأس.
قال بعض العلماء: إن المحرم لا يأكل من الصيد مطلقاً؛ صيد من أجله أم لم يصد، قالوا لأن حديث الصعب بن جثامة متأخر عن حديث أبي قتادة، فإن حديث أبي قتادة كان في غزوة الحديبية في السنة السادسة، وحديث الصعب بن جثامة في حجة الوداع في السنة العاشرة، ويؤخذ بالأخر فالآخر.