ولكن القاعدة الأصولية الحديثية تأبى هذا القول؛ لأنه لا يصار إلى النسخ إلا إذا تعذر الجمع، فإذا أمكن الجمع فلا نسخ، والجمع هنا ممكن، وهو أن يقال: إن صيدَ لأجل المُحرم فحرام، وإن صاده الإنسان لنفسه وأطعم منه المحرم فلا بأس.
ويؤيد هذا حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((صيد البر حلالٌ ما لم تصيدوه أو يصد لكم)) ، وهذا تفصيل واضح؛ ما لم تصيدوه أو يصد لكم.
والحاصل أن هذا الحديث؛ حديث الصعب بن جثامة رضي الله عنه فيه فائدتان عظيمتان.
الأولي: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يداهن أحداً في دين الله، وإلا قبل الهدية من الصعب، وسكت إرضاءً له ومداهنة له، لكنه عليه الصلاة والسلام لا يمكن أن يفعل هذا.
الثانية: أنه ينبغي للإنسان أن يجبر خاطر أخيه إذا فعل معه ما لا يحب، ويبين له السبب؛ لأجل أن تطيب نفسه، ويطمئن نفسه، ويطمئن قلبه، فإن هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم؛ والله الموفق.