للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) . ثم قال بعدها: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْساً لَهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: ٨) ، يعني أن الكافرين أمام المؤمنين الذين ينصرون الله لهم التعس، وهو الخسران والذل والهوان، وأضل أعمالهم يعني يكون تدبيرهم تدميراً عليهم، وتكون أعمالهم ضالة لا تنفعه ولا ينتفعون بها.

ثم ذكر حديث عقبة بن عمرو البدري رضي الله عنه، أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إني لأتأخر عن صلاة الصبح- الفجر- من أجل فلان مما يطيل بنا، وكان هذا الإمام يطيل بهم إطالة أكثر من السنة، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم يقول: فما رأيته غضب في موعظةٍ قط أشد مما غضب يومئذٍ.

وقال" ((يا أيها الناس إن منكم منفرين فأيكم أمَّ الناس فليتجوز)) منفرين: يعني ينفرون الناس عن دين الله، وهذا الرجل لم يقل للناس لا تصلوا صلاة الفجر، لكنه نفرهم بفعله؛ بالتطويل الذي هو خارجٌ عن السنة، فنفر الناس، وفي هذا إشارة إلى أن كلَّ شيء ينفر الناس عن دينهم- ولو لم يتكلم الإنسان بالتنفير؛ فإنه يدخل في التنفير عن دين الله.

ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يداري في الأمور الشرعية، فيترك ما هو حسن لدرء ما هو أشد منه فتنة وضرراً، فإنه صلى الله عليه وسلم هم أن يبني الكعبة على قواعد إبراهيم، ولكن خاف من الفتنة فترك ذلك، وكان يصوم في السفر فإذا رأى أصحابه صائمين- وقد شق عليهم الصوم- أفطر ليسهل عليهم.

فكون الإنسان يحرص على أن يقبل الناس دين الله بطمأنينة ورضى وإقبال بدون محذور شرعي؛ فإن هذا هو الذي كان من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>