للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ففعل، فصار الغلام يأتي إلي الراهب ويسمع منه، ثم يذهب إلي الساحر، فإذا أراد أن يعاقبه على تأخره قال: إن أهلي أخروني، وإذا رجع إلي أهله وتأخر عند الراهب قال: إن الساحر أخرني. فمر ذات يوم بدابة عظيمة، ولم يعين في الحديث ما هذه الدابة، قد حسبت الناس عن التجاوز، فلا يستطيعون أن يتجاوزها، فإذا هذا الغلام أن يخابر: هل الراهب خير له أم الساحر، فأخذ حجراً، ودعا الله سبحانه وتعالي إن كان أمر الراهب خير له أن يقتل هذا الحجر الدابة، فرمي بالحجر، فقتل الدابة، فمشي الناس.

فعرف الغلام أن أمر الراهب خير من أمر الساحر، وهذا أمر لا شك فيه؛ لأن الساحر إما معتد ظالم، وإما كافر مشرك، فإن كان يستعين على سحره بالشياطين يتقرب إليهم ويعبدهم ويدعوهم ويستغيث بهم فهو كافر مشرك. وإن كان لا يفعل هذا لكن يعتدي على الناس بأدوية فيها سحر فهذا ظالم معتد.

أما الراهب، فإن كان يعبد الله على بصيرة فهو مهتد، وإن كان عنده شيء من الجهل والضلال فنيته طيبه، وإن كان عمله سيئاً.

المهم أن الغلام أخبر الراهب بما جري فقال له الراهب: أنت اليوم خير مني، وذلك لأن الغلام دعا الله فاستجاب الله له.

وهذا من نعمة الله على العبد، أن الإنسان إذا شك في المر ثم طلب من الله لآية تبين له شأن هذا الأمر فبينه الله له، فإن هذا من نعمة الله عليه.

ومن ثم شرعت الاستخارة، للإنسان إذا هم بالأمر وأشكل عليه: هل

<<  <  ج: ص:  >  >>