فأصلحوا بينهما والخطاب لمن له الأمر من المؤمنين الذين لم يقاتلوا فإن بغت إحداها على الأخرى وأبت أن تصالح فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله يعني كونوا مع الطائفة العادلة التي ليست باغية قاتلوا الباغية حتى تفيء إلى أمر الله، أي حتى ترجع إليه، فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل أي فيما جرى بينهم من إتلاف أنفس أو أموال أو غير ذلك فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين، فيقال مثلا: كم قتلتم من نفس؟ لطائفة منهما، وللأخرى كذلك، ثم يعادل بينهما ويصلح بينهما.
كم أتلفتم من مال ويمضي فيعادل بينهما ويصلح بينهما.
ثم قال عز وجل:{فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين} أي الذين يعدلون فيما ولاهم الله عليه إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم، المؤمنون كلهم إخوة حتى الطائفتين المقتتلتين هم إخوة للذين أصلحوا بينهما وفي هذه الآية رد صريح لقول الخوارج الذين يقولون: إن الإنسان إذا فعل الكبيرة صار كافرا؛ فإنه من أكبر الكبائر أن يقتتل المسلمون بينهم ومع ذلك قال الله في المقتتلين وفي التي أصلحت بينهما {إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم} فإذا كان الله تعالى أوجب الإصلاح بين المتقاتلين فكذلك أيضا بين المتعادين عداء دون قتل، يجب على الإنسان إذا علم أن بين اثنين عداوة وبغضاء وشحناء وتباعدا أن يحاول الإصلاح بينهما.