فقال: ولا فخر يعني لا أفتخر بذلك وأزهو بنفسي، وأما البغي فهو العدوان على الغير، أن الإنسان يعتدي على غيره إما على ماله أو على بدنه أو على أهله أو على مقامه وما أشبه ذلك، فالعدوان أنواعه كثيرة، لكن يضمها كلها أنه انتهاك لحرمة أخيه المسلم، وهذا أيضا محرم.
ثم استدل المؤلف بقول الله سبحانه وتعالى:{فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} فنهى الله سبحانه وتعالى عباده أن يزكوا أنفسهم يعني أن يمدحوها افتخارا على الخلق، فيقول مثلا لصاحبه: أنا أعلم منك، أنا أكثر منك طاعة، أنا أكثر منك مالا.
وما أشبه ذلك، فهذا - نسأل الله العافية - تزكية للنفس ونوع من الافتخار ولا يعارضه قول الله تعالى:{قد أفلح من زكاها} وذلك أن التزكية المنهي عنها هي أن الإنسان يفتخر ويعلو ويزهو بما أعطاه الله تعالى من خير ومن عبادة ومن علم.
وأما:{قد أفلح من زكاها} فالمراد من سلك بها طريق الزكاة واجتنب طريق الردى، ولهذا قال:{وقد خاب من دساها} وهذه الآيات المتشابهات في القرآن يتخذ منها أهل الباطل حجة في التلبيس على الناس، يقول انظر إلى القرآن تارة يقول:{فلا تزكوا أنفسكم} وتارة يمدح من زكى نفسه، ولكن هؤلاء كما وصفهم الله تعالى هم الذي في قلوبهم زيغ والعياذ بالله، كما قال الله تعالى: {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات