هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله} وإلا فالقرآن لا يمكن أبدا أن يكون فيه شيء متناقض، كما قال الله تعالى:{ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا} أما القرآن فلا اختلاف فيه، وقد أورد نافع بن الأزرق الخارجي المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما كثيرا من الآيات المتشابهات التي ظاهرها التعارض، وأجاب عنها رضي الله عنه في آيات متعددة ذكرها السيوطي في الإتقان في علوم القرآن.
ثم استدل على تحريم البغي بقول الله تعالى:{إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق} السبيل: التبعة واللوم والمذمة على هؤلاء الذين يظلمون الناس في أموالهم أو أعراضهم أو في أنفسهم أو في أهليهم، هؤلاء هم الذين عليهم السبيل والتبعة {ويبغون في الأرض بغير الحق} يعني يعتدون بغير الحق، وإنما وصف الله البغي بغير حق، لأنه حقيقة ليس بحق، كل البغي فهو بغير الحق، فالقيد هنا ليس للاعتراض بل هو لبيان الواقع، وهو أن كل شيء من البغي فإنه بغير الحق، وهذا يرد في القرآن كثيرا، أن تجد قيدا يبين الواقع وليس قيدا يخرج ما سواه، مثل قوله تعالى:{يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون} فهنا ليس هناك رب لم يخلقنا ورب خلقنا بل هو لبيان الواقع أن الرب هو الذي خلقنا وهو