للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ) (المؤمنون: ٩٩، ١٠٠) ، حتى لا يضيع على الوقت. ما يقول: لعلي أتمتع في المال، أو أتمتع بالزوجة، أو أتمتع في المركوب، أو أتمتع في القصور، بل يقول: لعلي اعمل صالحا فيما تركت.

مضي على الوقت وما استفدت منه، فالوقت هو أغلي شيء، لكن هو أرخص شيء عندنا الآن، نمضي أوقاتنا كثيرة بغير فائدة، بل نمضي أوقاتنا كثرية فيما يضر، ولست أتحدث عن رجل واحد، بل عن عموم المسلمين. اليوم- مع الأسف الشديد- أنهم في سهو ولهو وغفلة، ليسوا جادين في أمور دينهم، أكثرهم في غفلة وفي ترف، ينظرون ما يترف به أبدانهم وإن أتلفوا أديانهم. فالرسول - عليه الصلاة والسلام- كان دائما في المصالح الخاصة أو العامة، عليه الصلاة والسلام.

فبينما الصحابة عنده جلوس، إذا طلع عليهم رجل ((شديد بياض الثياب النبي صلي الله عليه وسلم شديد سواد الشعر، لا يري عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد)) وهذا غريب! ليس مسافرا حتى نقول إنه غريب عن البلد، ولا يعرف فنقول إنه من أهل البلد.

فتعجبوا منه، ثم هذا الرجل الذي جاء نظيفاً: شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، أي: شاب لا يري عليه اثر السفر، لأن المسافر- لا سيما في ذلك الوقت- يكون أشعث أغبر؛ لأنهم يمشون على الإبل، أو على الإقدام، والأرض غير مسفلتة، كلها غبار، لكن هذا لا يري عليه اثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فهو غريب ليس بغريب!

<<  <  ج: ص:  >  >>