انه لا يؤدي شيئا منها، لان هذا من أحق ما يكون، لأنه مسافر وفقير وانقطعت به الحبال، ومن أحق ما يكون استحقاقا للمال، ومع ذلك اعتذر له! فذكره بما كان عليه من قبل فقال له:((كأني أعرفك، ألم تكن ابرص يقذرك الناس، فقيرا فأعطاك الله)) أي أعطاك المال وأعطاك اللون الحسن والجلد الحسن، ولكنه قال والعياذ بالله:((إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر)) وانكر نعمة الله. فقال له الملك:((إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت)) أي: إن كنت كاذبا فيما تقول فصيرك الله إلى ما كنت من الفقر والبرص. والذي يظهر إن الله استجاب دعاء الملك وان كان دعاء مشروطا، لكنه كان كاذبا بلا شك، فإذا تحقق الشرط تحقق المشروط. وأتى القرع فقال له مثلما قال للأبرص، ورد عليه مثلما رد عليه الأبرص، فقال:((إن كنت كاذبا فصيرك الله
إلى ما كنت عليه)) وأتى الأعمى وذكره بنعمة الله عليه: ((فقال: كنت اعمي فرد الله إلي بصري)) فاقر بنعمة الله عليه ((فخذ ما شئت ودع ما شئت، فوالله ما أجهدك اليوم بشيء أخذته لله عز وجل)) . أي: لا أمنعك ولا اشق عليك بالمنع بشيء أخذته لله عز وجل. فانظر إلى الشكر والاعتراف بالنعمة. فقال له الملك:((امسك مالك، فإنما ابتليتم، فقد رضي الله عنك وسخط علي صاحبيك)) . وهذا يدل علي إن القصة كانت مشهورة بين الناس، ولهذا قال:((سخط علي صاحبيك)) ، فامسك ماله وبقي قد انعم الله